||   بسم الله الرحمن الرحيم | اللهم كُن لوليّك الحُجَّة بن الحَسَن صَلواتُكَ عَليه وَعَلى آبائه في هذه السّاعة وفي كُلّ سَاعَة وَليّاً وَحَافِظا وَقائِداً وَ ناصراً ودَليلاً وَ عَينا حَتّى تُسكِنَه أرضَك طَوعاً وَتُمَتِعَه فيها طَوِيلاً | برحمتك يا أرحم الراحمين   ||   اهلا وسهلا بكم في الموقع   ||  


  





 134- فلسفة التفاضل التكويني: 5- علم الله تعالى بالاصلح بحال عباده

 47- كيفية كتابة التقريرات

 المرابطة في زمن الغيبة الكبرى

 كتاب اهدنا الصراط المستقيم

 150- فائدة اصولية: قاعدتان: (الأصل الاستعمال في الحقيقة) و(الاستعمال أعم من الحقيقة)

 277- بحث لغوي وتفسيري عن معنى الزور

 195- ( وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ) -6 ( شروط الامامة وأدوارها ودعائمها ) ( الشعائر ) دعائم استراتيجية للدور الحسيني الاعظم

 113- التوبة الشاملة و التحول الاستراتيجي

 215- مباحث الاصول: الفوائد الأصولية (الدليل العقلي) (8)

 88- (المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) مؤسسات المجتمع المدني في منظومة الفكر الإسلامي-1



 اقتران العلم بالعمل

 متى تصبح الأخلاق سلاحا اجتماعيا للمرأة؟

 الحريات السياسية في النظام الإسلامي

 فنّ التعامل الناجح مع الآخرين



 موسوعة الفقه للامام الشيرازي على موقع مؤسسة التقى الثقافية

 183- مباحث الاصول (مبحث الاطلاق) (1)

 351- الفوائد الاصولية: بحث الترتب (2)

 قسوة القلب

 استراتيجية مكافحة الفقر في منهج الإمام علي (عليه السلام)

 الأجوبة على مسائل من علم الدراية

 النهضة الحسينية رسالة إصلاح متجددة

 236- احياء أمر الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)

 نقد الهرمينوطيقا ونسبية الحقيقة والمعرفة

 177- أعلى درجات التواتر لاخبار مولد الامام القائم المنتظر ( عجل الله تعالى فرجه الشريف )



  • الأقسام : 85

  • المواضيع : 4431

  • التصفحات : 23959043

  • التاريخ : 19/04/2024 - 06:32

 
 
  • القسم : الاخبار .

        • الموضوع : اللاعنف والسلام في سيرة أهل البيت (عليهم السلام) .

اللاعنف والسلام في سيرة أهل البيت (عليهم السلام)
24 ربيع الثاني 1443هـ

شبكة النبأ المعلوماتية

لم يكن العالم البشري نقيا خاليا من العنف منذ أزمنة مبكرة، واستمر منهج العنف يحصد بأرواح الناس، وتصاعدت وتيرة النزاعات والصدامات مع تصاعد أعداد البشر، وازدياد تضارب المصالح، واختلاط المصالح مع بعضها، مما أدى إلى موجات حروب واقتتال جماعي بين الأمم والشعوب، ويقول علماء الاجتماع إن العنف العالمي هو حاصل جمع التعنيف الفردي، وانتشاره كأسلوب لحل المشاكل والعقد والأزمات.
كما أن موجات العنف تضاعفت مع تأسيس ظاهرة الإرهاب، بسبب انتشار الأفكار المتطرفة، فذهب حاملو هذه الأفكار إلى ما هو أعنف وأبعد، حين جعلوا من التصفيات الجسدية والتدمير أسلوبا لهم في مواجهة من يختلف معهم، وقد همّش هؤلاء قضية الحوار كأسلوب للتفاهم بين المختلفين، أو بين من تتضارب مصالحهم وأفكارهم، فأصبح التفاهم والنقاش والحوار في خبر كان، وحلّ محله العنف بأبشع أساليبه وصوره.

الإمام الراحل آية الله العظمى، السيد محمد الحسيني الشيرازي (رحمه الله)، يؤكد في كتابه القيّم الموسوم بـ (الفقه: السلم والسلام) على أن:
(موجة العنف والقسوة والإرهاب تأسست في أفكار بعض المتطرفين وعشش في خيالهم وأفكارهم، فأخذوا بالتصفية الجسدية والتدمير أولاً، بدلاً من المحاورة الفكرية والمسالمة، لكن الإسلام لا يؤمن مطلقاً بمفهوم العنف أو مفهوم المعاملة السيئة أو إيقاع الظلم بالآخرين، أو استخدام القسوة أو التعسف ببني الإنسان).

لقد رفض الإسلام جميع الأساليب العنيفة في مواجهة الأزمات، ودعا المختلفين والمتصارعين إلى اعتماد اللاعنف كأسلوب لاحتواء النزاعات، كما رفض كافة أساليب العنف بين المجتمعات أو الأفراد، لاسيما حين يبلغ التطرف أقصى درجاته، فيضرب القيم والأخلاق والقوانين عرض الحائط، ويغوص في سلسلة من الأعمال العنيفة التي لها بداية وليست لها نهاية.

الإسلام والإرهاب لا يلتقيان
ولذا فقد وُضِعَت أعمال العنف في إطار الرفض الإسلامي الدائم، وتم تحريمها، وانتعشت الدعوات المتكرة المستمرة والكبيرة لتغليب اللاعنف والسلم على ما يناقضه من أعمال وأفعال وأساليب تدعو إلى الاحتراب والعنف، وترفض الحوار وتعتمد الفكر الإرهابي المتطرف، وهذا ما ينبذه الإسلام جملة وتفصيلا، فمعالجة الخلافات والأزمات لا ينبغي أن تقع تحت رحمة الفكر المتشدّد، أو تنساق في مسالك ودوّامة العنف والعنف المقابل.

يقول الإمام الشيرازي:
(إن أفعال العنف بأنواعه التي تقع في المجتمعات وتستهدف الآخرين، والتي قد تبلغ أحياناً مستوى من التطرف والشدة أو الخروج عن القوانين، تعد خروجاً عن الدين وتعاليمه السمحة ودعوته إلى السلم والسلام وقول الله تعالى: وَقُولُواْ لِلنّاسِ حُسْناً).

القرآن الكريم يدعو في سور وآيات مباركة كثيرة إلى السلم، وهو الأسلوب الذي اتبّعه الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) طيلة قيادته للأمة، وقد أخذ عنه هذا الأسلوب أئمة أهل البيت عليه السلام، فكان بينهم وبين العنف قطيعة تامة، وغلّبوا اللاعنف واعتماد الحوار ودفع الأمور بالتي هي أحسن، على جميع الحلول والمواجهات العنيفة.
ولهذا تجمّلت مدرسة أهل البيت بأعظم الأفكار الداعية للسلم ونبذ العنف، وامتلأت سِيَرهم بالمواقف العظيمة التي تكللت بكل ما يمت للسلام والرحمة بِصِلة، كما أن دعواتهم وأفكارهم (عليهم السلام) كانت ولا تزال وستبقى خير منهل للسلام العالمي، ولهذا كانوا دعاة سلم، وانتهجوا اللاعنف في جميع مسارات تجاربهم، وحثوا الجميع على الالتزام بهذا المنهج، كونه الضامن الوحيد للحقوق وإنصاف الآخرين وضمان حرية الرأي والفكر وحتى الدين.
هذا المنهج ينبغي أن ينعكس على حياة المسلمين والعالم أجمع، وتغليب منهج الحوار والنقاش والتفاهم، على منهج العنف والتصادم، على أن يلتزم الجميع باللاعنف، بدءاً من القادة السياسيين وطلاب السلطة وصناع القرار، وليس انتهاء بالفرد أو المواطن العادي، فالعلاقات الفردية يجب أن تخضع أيضا لللاعنف، ولابد أن يصبح ثقافة سلوك فردي واجتماعي، لكي نضمن عدم تغليب العنف في مواجهة الأزمات والمشادّات والنزاعات.

الإمام الشيرازي يؤكد على أن: (الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) وآل بيته الطاهرون (عليهم السلام) هم دعاة السلم وحملة مبدأ الإنسانية في المسالمة واللاعنف، ونبذ ما هو نقيضه في الحياة اليومية).

السلام واللاعنف المطلق
وإذا كنا ننظر إلى مدرسة أهل البيت التربوية والأخلاقية والاجتماعية على أنها منهلنا الأول والأهم، فهذا يعني أننا ملزمون بقراءة تجاربهم في هذا المجال، والاطلاع المتواصل والعميق على مواقفهم وأفكارهم وسلوكياتهم في مواجهة المختلفين أو المناقضين لهم، فقد رفض أئمة أهل البيت (عليهم السلام) اللجوء إلى العنف، وكان القائد الأعظم للمسلمين النبي (صلى الله عليه وآله)، يكسب أقسى القلوب لأصلب الأعداء من خلال أسلوب اللاعنف والرحمة المؤطرة بالأخلاق، وقد أخذها عنه الإمام علي (عليه السلام) في تعامله مع الخوارج وسائر المعادين له.
كل الشواهد والدلائل تؤكد على أن البشرية تمر في حالة خصام مع نفسها، ويأكلها العنف، ويفتك بها التشاحن والتهديدات، والسبب معروف لمن يهمهم الأمر، أو لمن يقودون العالم ويتحكمون بثرواته واقتصاده، ولكن يبدو أنهم متمسكون بالعنف، ورافضون للاعنف، ومصرون على صنع الأزمات، وخوض الصراعات والحروب لضمان مصالحهم.
والمعني هنا بمصالحهم، ليست المصالح العامة التي تعود للناس أو الأمم والشعوب، وإنما مصالح القوى المتحكمة والحكومات والشركات والأفراد الذين يتصارعون ويتقاتلون من أجل الاستحواذ على ثروات الأرض وتهديد مصير البشرية، إنهم يتقاتلون ويتصارعون من أجل مغانمهم ومضاعفة كنوزهم وثرواتهم، لهذا هم مستعدون للعنف بأبشع درجاته وأشكاله.
هذا المنهج المعادي للإنسان مرفوض من قبل مدرسة أهل البيت (عليهم السلام)، فهم دعاة السلم في كل زمان ومكان، وهم (عليهم السلام) مؤمنون بمنهج السلام واللاعنف المطلق، الذي يمثل اليوم المنقذ الأهم وربما الوحيد للبشرية من هذا الانحدار السريع نحو الهاوية، لذا لابد أن يتنبّه المسلمون والعالم أجمع إلى محنتهم المتمثلة بدفع البشرية نحو الانتحار.
وعليهم الأخذ بما تطرحه مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) من أفكار ومضامين ومواقف حيّة غلّبت اللاعنف على جميع أنواع الحلول والمواجهات الأخرى، وأثبتت أنها السبيل الوحيد الذي يجعل من العالم أفضل وأكثر استقرارا.

يقول الإمام الشيرازي:
(إن آل بيت النبوة (عليهم السلام) مارسوا السلام واللاعنف المطلق بكل أشكاله وأبعاده، ثم أوصوا المسلمين بعدهم بالسير على خطاهم، لأنهم كانوا دعاة صلح ومحبة ووفاق بين عامة المسلمين ودعاة سلم بين البشرية).

أما لماذا اختارت مدرسة وأفكار أهل البيت (عليهم السلام) اللاعنف، فلأنهم نهلوا من مدرسة أبيهم وقائدهم الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، واغترفوا من نبع السلام طريقة تعاملهم، وحل الاختلافات مع من يعاديهم ويناقضهم في المواقف والأفكار، وسعوا إلى نشر هذه الثقافة في أشد الأوضاع تعقيدا وخطورة، فكثير من الحكام الطغاة الذين عاصرهم أهل البيت (عليهم السلام)، حاولوا جرّهم إلى العنف والتصادم، لكنهم أبوا أن يغادروا منهج اللاعنف الذي تربّوا عليه.
لهذا السبب فإن فكر أهل البيت ومنهجهم لا يلتقي مع الإرهاب مطلقا، ويرفض أن تكون القوة والإكراه سبيلا لفرض الرأي أو محاولة التغيير بالقوة، لقد كان منهجهم (عليهم السلام) ولا يزال وسيبقى، منهج الحوار والتريّث والحلم، ورأب الصدع والخلاف بالطرق والوسائل السلمية، وهذا الأسلوب لا يمكن أن يلتقي مع منهج العنف والقوة والإكراه.

لهذا يقول الإمام الشيرازي:
(إن مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) لا تتفق مع من يؤمن بالإرهاب والعنف كوسيلة لفرض رأي أو محاولة تغيير، حتى وإن كان مسلماً ويتبع مذهباً ما أو معتقداً ما).

وأخيرا لا تزال الفرصة متاحة أمام المسلمين والأمم الأخرى في العالم لتصحيح الأوضاع الراهنة، ولكن هذا الأمر مرتبط بمدى جديتهم، وإرادتهم، وتصميمهم على سبر أفكار أهل البيت (عليهم السلام)، لتجنيب العالم وشيلات العنف والنزاعات، والدفع به إلى مرافئ اللاعنف والسلام.

  طباعة  ||  أخبر صديقك  ||  إضافة تعليق  ||  التاريخ : 24 ربيع الثاني 1443هـ  ||  القرّاء : 3454



 
 

برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net