• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : الاجتهاد والتقليد(1435-1436هـ) .
              • الموضوع : 542- تتمة الجواب السادس وانه في تمييز الحجة على اللاحجة ينتفي الترتب قهرياً 7ـ تقطيع الروايات لايترك مجالاً للاشكال بالتخالف .

542- تتمة الجواب السادس وانه في تمييز الحجة على اللاحجة ينتفي الترتب قهرياً 7ـ تقطيع الروايات لايترك مجالاً للاشكال بالتخالف

بسم الله الرحمن الرحيم
 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
 
تقليد الأعلم
 
(66)
 
6- المقبولة في مقام تمييز الحجة عن اللاحجة لا الترجيح بين الحجتين.
 
ويتفرع على ما سبق من ان المقبولة تفيد تمييز الحجة عن اللاحجة من الروايتين في كل فقراتها (1- الشهرة في مقابل الشذوذ 2- وموافقة الكتاب والسنة ومخالفة العامة في مقابل مخالفتهما وموافقتهم، 3- مخالفة العامة، 4- ما حكّامهم وقضائهم إليه أميل) انه لا يوجد – بل لا يعقل – وجود ترتيب بين فقراتها الأربعة قهراً وان مفادها ان أي خبر اتصف بالشذوذ أو مخالفة الكتاب والسنة وموافقة العامة، أو موافقة العامة في ظرف موافقة كلا الخبرين للكتاب والسنة، أو موافقة ما حكّامهم وقضائهم إليه أميل، فانه ليس بحجة من رأس ولا مقتضِي للحجية فيه لا انه حجة اقتضاءً وقد سقط عن الحجية بالمرجوحية إذ عارضه الأقوى.
 
والحاصل: ان اشتراكها جميعاً في اللاحجية ينفي قهراً الترتيب بينها إذ اللاحجة المحض عدم مطلق وصفر محض فلا معنى للترتيب في اللاحجية بين مجموعة من اللاحجج؛ ألا ترى انه لو قيل قول المجتهد الجامع للشرائط حجة واما قول الفاسق فليس بحجة وكذا قول الطفل وكذا المرأة وكذا العبد فانه لا ترتيب بينها بل لا معنى للترتيب مادام كل منها موضوعاً بنفسه للاحجية([1]) عكس ما لو كان فيها اقتضاء الحجية لوجود ملاكها فانه حيث كان الملاك حقيقة تشكيكية ذات مراتب أمكن كون احد الحجج (المرجوحة) ذات ملاك أقوى من الحجة المرجوحة الأخرى، وإن كانت جميعاً بالقياس للحجة الراجحة (وهي الخبر المشهور الموافق للكتاب والسنة والمخالف للعامة، ونظائره)([2]) مرجوحة فرجُح أو تعيّن الترتيب في المرجوحية والسقوط عن الاعتبار في مقابل الحجة الراجحة فيقال مثلاً خذ بالأشهر مقابل الشاذ لأن ملاك الأشهر في مقابل الشاذ أقوى أو لأن ملاك الشاذ أضعف فان تساويا في الشهرة فخذ بالموافق للكتاب والسنة.. الخ فتأمل
 
وعلى ذلك يكون المتعلَّق (وهو كون كل تلك المرجوحات لا حجةً) بنفسه قرينة قطعية على انتفاء الترتب بين تلك المرجوحات جميعاً.
 
الفرق بين مسلكنا ومسلك الآخوند
 
ويكون الفرق بيننا وبين الآخوند بعد اتفاقنا في المآل (وهو كون هذا مرجحاً وذاك مرجحاً وكون كل واحدة من تلك المرجوحات الأربعة بنفسها مداراً لعدم الأخذ بها دون وجود ترتيب بينها) هو الاختلاف في الطريق إذ انه يرى سقوط الترتيب، رغم ظهور المقبولة في الترتيب، لوجود المانع والقرينة على الخلاف وهي إطلاق سائر روايات المرجحات وكثرتها([3]) بحيث يستبعد تقييدها بالمقبولة.
 
لا ترتيب بين المرجوحات لعدم المقتضي لحجيتها
 
اما نحن فنرى سقوط الترتيب لعدم المقتضي له لا لوجود المانع والقرينة على الخلاف، إذ بعد كونها جميعاً غير حجة بالمرة – اي بعد اشتراكها في عدم وجود المقتضي لحجيتها – فانه لا معنى لأن يقال بالترتيب بينها في اللاحجية([4]).
 
ولا يتوهم من قول السائل "جُعِلْتُ فِدَاكَ، أَرَأَيْتَ، إِنْ كَانَ الْفَقِيهَانِ عَرَفَا حُكْمَهُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَوَجَدْنَا أَحَدَ الْخَبَرَيْنِ مُوَافِقاً لِلْعَامَّةِ وَالْآخَرَ مُخَالِفاً لَهُمْ، بِأَيِّ الْخَبَرَيْنِ يُؤْخَذُ؟"([5]) وجود المقتضي للحجية – وهو موافقة الكتاب - إذ انه وإن أوهم كلام السائل ذلك إلا ان ظاهر جواب الإمام ينفيه إذ قال "مَا خَالَفَ الْعَامَّةَ فَفِيهِ الرَّشَاد" الظاهر في ان موافقهم فيه الضلال الظاهر بكونه كذلك في ذاته لا بعرضٍ واكتساب أي الظاهر انه في مرحلة المقتضي لا المانع أي الظاهر في انه ضلال بذاته لا انه رشاد وهدى بذاته إلا انه حيث عورض بمخالفة العامة صار لا حجة فعلية فكان ضلالاً في مرحلة الحجية الفعلية لا الاقتضائية.
 
ويؤكده ويبرهنه ان الإمام (عليه السلام) يكشف بذلك عن عدم كونه مطابقاً للواقع فليس بحجة لبطلانه المحض فكيف يكون حجة اقتضائية؟ فتدبر
 
كما تبرهنه رواية علل الشرائع عن الإمام الصادق (عليه السلام) "لِمَ أُمِرْتُمْ بِالْأَخْذِ بِخِلَافِ مَا تَقُولُ الْعَامَّةُ؟ فَقُلْتُ لَا نَدْرِي فَقَالَ إِنَّ عَلِيّاً (عليه السلام) لَمْ يَكُنْ يَدِينُ اللَّهَ بِدِينٍ إِلَّا خَالَفَ عَلَيْهِ الْأُمَّةُ إِلَى غَيْرِهِ إِرَادَةً لِإِبْطَالِ أَمْرِهِ وَكَانُوا يَسْأَلُونَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) عَنِ الشَّيْ‏ءِ الَّذِي لَا يَعْلَمُونَهُ فَإِذَا أَفْتَاهُمْ جَعَلُوا لَهُ ضِدّاً مِنْ عِنْدِهِمْ لِيَلْبِسُوا عَلَى النَّاس‏"([6])
 
7- تقطيع الروايات وتصنيفها سبب الاقتصار على بعض المرجحات
 
وقد يجاب عن شبهة التخالف بين المقبولة إذ ذكرت جملة مرجحات مترتبة – أي على ذاك المبنى([7]) – وبين سائر الروايات التي اقتصرت على مرجح واحد أو اثنين مع انهما من الدرجة اللاحقة وكان ينبغي – حسب المستشكل – ان يبدأ الإمام (عليه السلام) بالمرجح الأول فان انتفى فالثاني فان انتفى فالثالث وهكذا، بان التقطيع في الروايات غير عزير، ولعل الترجيح بسائر المرجحات كان مذكوراً في الروايات الأخرى إلا ان الراوي لم ينقل كل الفقرات بل اقتصر على موطن الحاجة أو ان الراوي عن الراوي فعل ذلك.
 
لكن تمامية هذا الوجه تتوقف على بيان حسنه أولاً ثم إقامة الدليل في عالم الإثبات على وقوعه:
 
وجوه حسن تقطيع بعض الروايات
 
اما حسنه – أي حسن تقطيع بعض الروايات حسب المقامات - فانه لا ريب فيه في صور كثيرة:
 
منها: كون تلك الفقرة هي مورد سؤال السائل أو مورد حاجته.
 
ومنها: كون الراوي([8]) في مقام التقية فاقتصر على ذكر المرجح الذي لا محذور فيه (كموافقة الكتاب والسنة) وترك ذكر المرجح الذي اتقى فيه السامعَ كـ(ما خالف العامة ففيه الرشاد) وغير ذلك.
 
ومنها: اقتضاء مقام التعليم ذلك.
 
ومنها: اقتضاء تصنيف الأبواب الفقهية وفصولها ذلك، إذ ينبغي ان يذكر في كل باب ما يناسبه من فقرات الرواية من دون ضرورة لنقل الرواية كلها، بل قد يكون نقلها بأكملها خلاف البلاغة، واما كامل الرواية([9]) فلعله لم ينقل بالمرة أو كان فيما ضاع من الكتب كمدينة العلم. وللحديث صلة، وسيأتي دليل الوقوع أيضاً فانتظر.
 
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
==============================
 
 
 
 
 
 
 
 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=1688
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء 9 رجب 1436هـ
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19