• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : قاعدة الالزام(1432-1433هـ) .
              • الموضوع : 20- قاعدة الإلزام مخصصة أو ناظرة للأدلة الأولية -(مخالف الكتاب) هل يشمل الخاص؟ .

20- قاعدة الإلزام مخصصة أو ناظرة للأدلة الأولية -(مخالف الكتاب) هل يشمل الخاص؟

 بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين واللعنة الدائمة على اعدائهم اجمعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. 
وصلنا في المبحث الماضي حول قاعدة الالزام الى اشكال مخالفة قاعدة الإلزام للكتاب وجوابه. 
وموجزه مع إضافة ما: ان قاعدة الالزام مخالفة للكتاب الكريم؛ لان آياته الشريفة قد اثبتت الاحكام بأجمعهالعامة المكلفين، من غير فرق بين موافق ومخالف، او مسلم وكافر، كما ان من البديهيات ان الكفار مكلفون بالفروع كما انهم مكلفون بالأصول، وقاعدة الالزام تخالف الكتاب؛ لأنها تقوم بإمضاء أعمال المخالف والكافر – في قاعدة الامضاء – او الزام المخالف والكافر – في قاعدة الالزام - لا على حسب الدين الحق والتكاليف الواقعية القرآنية, وانما على حسب تكاليف أو أحكام وضعية مجعولة "(مفتراة)" ومخالفة للواقع. 
1- قاعدة (الإلزام) أخص من أكام الكتاب.وقد اجبنا عن هذا الإشكال بالوجه الأول وهو:ان قاعدة الالزام ليست مخالفة للكتاب لما سبق من الوجه الأول وانها اخص مطلقا منه، فان آيات الكتاب تدل على ثبوت الاحكام للجميع، واما قاعدة الالزام فإنها تستثني المخالف والكافر من ذلك. 
توضيحه:ان الخاص بالنسبة الى العام وكذا المقيد بالنسبة الى المطلق لا يعدان في نظرالعرف الملقى اليه الكلاممعارضين لكل من العام والمطلق ومخالفين لهما، لأن وضع العام وطبعه على قبوله التخصيص، واما المطلق فلا ينعقد له إطلاق إلا بعدم وجود قرينة على الخلاف، والمقيد قرينة. 
وبتعبير اشمل: كلما كان هناك جمع عرفي بين كلامين، فان العرف لا يرى تخالفاً وتكاذباً بينهما لكي يطرح احدهما في مقام التعارض ويؤخذ بالآخر, فلا يشمله قوله (صلى الله عليه وآله) (وما جاءكم يخالف كتاب الله فلم أقله). 
وبتعبير اخر: ان هذه الظواهر مبنية على اصالة الحقيقة وعلى ارادة كافة الافراد من هذا اللفظ؛ لأنهاهو الموضوع له ,وان ارادة البعض من ذلك هو معنى مجازي والأصل أصيل حيث لا دليل، والخاص دليل وكذا المقيد، فان اصالة الحقيقة تحتم علينا الالتزام بالعموم والاطلاق حجة من باب الظن النوعي وانها امارة عقلائية، إلا انالخاص يعد قرينة على شرح المراد من العام وموضحا للمراد الجدي منه ومفسرا له، فلايرى العرف هذا الخاص مناقضاً لتلك الحجة، بل ان الجمع عرفي بينهما والعرف هم الملقى إليهم الكلام، هذا هو الوجه الاول في التفصي من الاشكال. 
2- قاعدة الإلزام حاكمةالوجه الثاني لرد الاشكال:واما الوجه الاخر للتفصي من الاشكال فهو:ان نقول بحكومة ادلة قاعدة الالزام على الادلة الاولية، أي: ان قاعدة الالزام ناظرة للأدلة الاولية، وكما هو الحال في قاعدة (لا ضرر) و(لا حرج)، فان العرف يقدمهما على الادلة الاولية بالرغم من معارضتهما لها ؛ وذلك لناظرية هاتين القاعدتين لتلك الادلة، والامر نفسه يقال في قاعدة الالزام؛ فان لسان (الزموهم) ناظر للادلة الاولية فيقدم عليها بالحكومة وسيأتي بيان ذلك بإذن الله تعالى. 
3- اختلاف مصب أدلة الأحكام عن مصب قاعدة الإلزام الوجه الثالث:وهناك وجه ثالث قد يتوهم للإجابة عن اشكال مخالفة مضمون قاعدة الالزام للكتاب والادلة الاولية وهو: 
ان مصب قاعدة الالزام غير مصب الاحكام الاولية، فلا تعارض بينهما لاختلاف المصب وبتعبير اخر: ان الموضوع بينهما مختلف فكما ان المسافر حكمه في الصلاة القصر وحكم المقيم التمام ولا تعارف، لاختلاف الموضوع، فكذا الحال بين قاعدة الالزام والاحكام الاولية. 
توضيح التوهم بوجهينأ - ان مصب الاحكام الاولية هو الحكم التكليفي، واما مصب قاعدة الالزام فهو الحكم الوضعي، فان المخالف لو طلق زوجته بدون شاهدين فطلاقه صحيح وهذا حكم وضعي تدل عليه قاعدة الالزام وهو مصبها، وهذا وجه اول لاختلاف مصب الامرين، وجوابه واضح، فإن الأحكام الأولية شاملة لكلا قسمي الحكم وحتى عى مسلك الشيخ .ب - ان قاعدة الالزام مصبها الاحكام الظاهرية واما الاحكام الاولية فمصبها الواقع.وجوابه ان الاحكام الاولية مصبها الظاهر والواقع معا فان هذه الاحكام أي: الواقعية هي كذلك موجودة في مرتبة الظاهر,إلا ان من لا يعلم بها قصوراً، لا تنجز عليه ولا عقاب، وقاعدة (الإلزام) – على القول (بها – عامة للعام من المخالفين والكفار، بالحكم، وللجاهل قصوراً أو تقصيراً. 
اشارة توضيحية:وهنا نذكر إشارة توضيحية فان الآخوندارتأى أن للحكم اربع مراتب وهي: مرتبة الاقتضاء والانشاء والفعلية والتنجيز، وهذه المراتب الاربعة موجودة في كل التكاليف التي وصلت الى عامة المكلفين، بما فيها من المرتبة الظاهرية منها وهي التنجيز والفعلية فان المكلف مشمول بها لو وصلت اليه، دون ما لو لم تصل اليه، ولكن بالرغم من ذلك، فان مرتبة الاقتضاء والانشاء للحكم موجودة في حقه. 
وعليه:فان كافة الادلة الاولية سارية حتى في رتبة الظاهر ، إلا ان الجاهل عن قصور مستثنى منها، وقاعدة الالزام على فرض تماميتها، لا تمس اية مرتبة من هذه المراتب في حق المخالف والكافر العالم بل والجاهل المقصر، واما القاصر، فلا تنجز عليه؛ لأدلته العامة لا لقاعدة الإلزام. بعبارة أخرى، ان من التزم بدين آخر فان انشاء الحكم واقتضاؤه موجودان في حقه، وأما الفعلية او عدم وجودها فتابع لأدلة الجب والقضاء ، واما المرتبة الرابعة وهي التنجيزواستحقاق العقاب والالزام الظاهري فإنهاليستبموجودة في قاصرهم، وهي موجودة في المقصر، إلا ان قاعدة الالزام تأتي وتقول:ان عملهممضى في عالم الدنيا وتترتب عليه الآثار – وهذه إن شئت فسمّها مرتبة خامسة للحكم – والحاصل اتحاد المصب بلحاظ هذه الأربعة أما الخامسة فهي مجال قاعدة الإلزام فتأمل 
الخلاصة:والخلاصة انه لا مناص من القول بان قاعدة الالزام واردة مورد التخصيص او الحكومة، واما الجواب والتوهم الثالث وهو التخصص بكلا وجهيه فليس بصحيح. 
تحقيق واضافة:هل المراد مخالفة الكتاب بـ(من وجه) أو (الخصوص المطلق)؟ونذكر اضافة وتحقيق في المقام، وهو بحث سيال وعام ومهم، حيث نتساءل ونقول: 
ان روايات (ما جاءكم يخالف كتاب الله فلم أقله أو فاضربوا به عرض الحائط) ما هو المراد منها؟ 
والجواب: هناك مسلكان: المسلك الاول: ان يكون المراد مما خالف كتاب الله، الخبر الذي يباينه مباينة كلية او من وجه، فهكذا رواية سوف تطرح ويضرب بها عرض الجدار والحائط, والعام والخاص والمطلق والمقيد ليست من هذا الباب، فلا تشملهما الادلة الرادعة أو النافية، وما نحن فيه من قاعدة الالزام هي من هذا القبيل أو هي ناظرة وحاكمة – على الأصح -، وعليه فلا توجدمشكلة على هذا المسلك المسلك الثاني:ويوجد مسلك ثان في المقام وهو ماانتهى اليه الشيخ الانصاريفي اخر كلامه حيث يقول: 
انه اذا خصصنا مخالف الكتاب بالمباين بنحو كلي او من وجه، فان هذه الموارد هي قليلة جدا، ومن البعيد ان تكون كل تلك الاخبار الكثيرة والشديدة الردع عن العمل لمخالف الكتاب، والمحرضة للعرض عليه قد وردت للردع عن هذه الموارد القليلة جداً، وعليه فلا بد ن تعميم المخالف للكتاب الى الخاص والمقيد حتى نرفع اللغوية عن اخبار النهي . 
فعلى حسب كلام الشيخ من التوسعة وهذا التعميم فإن تلك الأخبار الرادعة ستشمل قاعدة الالزام، فلابدمن اهمالها وضربها عرض الجدار بمخالفتها الكتاب. 
وقد استدل الشيخ على ندرة المباين للكتاب باعتباره قرينة على المبنى الاول بان اولئك الذي يضعون الاخبار الكاذبة يعرفون انها لو كانت على نحو المباينة التامة,فان امرها سينكشف بسرعة ولا تؤدي الغرض من دسها في كتب الاخبار، والكلام نفسه جارٍ في الخبر المباين من وجه، ولذا فانهم كانوا يضعون اخباراً مخصصة للكتاب او مقيدة له،وهذه كثيرة جداً، ولذا احتاجتالى ردع قوي، هذا ملخص لكلام الشيخ. 
الجواب عن اشكال الشيخ:اناشكال الشيخ يبدو للوهلة الاولى قويا لكن قد يجاب عنه بما ذكره السيد الوالد وهي ان: الاخبار المباينة للكتاب مباينة كلية او من وجه هي كثيرة وكثيرة جدا، وليست بقليلة أو نادرة. ان قلت فلم لا نجدها في الكتب الان؟! قلنا: لان كتب الاخبار قد هذبت وشذبت على يد الامام الرضا ع وبقية الائمة المعصومين عند عرض الكتب عليهم . 
توضيح كلامه: ان السيد الوالد في جوابه على كلامالشيخ الانصاري يقول : ان الذين يضعون الاخبار على ثلاثة اقسام :1)العلماء من وعاظ السلاطين 2) اعداء الاسلام 3)القصاصوناما القسم الثالث وهم القصاصون وما أكثرهم فهم عادة جهلة بالقرآن، فيضعون الروايات بأي نحو كان مبايناً له وغير مباين، واما وعاظ السلاطين فالأمر فيهم كذلك ولكن بوجه اخر ، حيث نجد انهم قد وضعوا اخبار التجسيم والجبر والتفويض وكلها مخالفة لكتاب الله تعالى بالمباينة، وهي اخبار كثيرة، وعليه فما يذكره الشيخ من قلة قرينيةالموارد غير صحيح،وإليك نص كلامه في الوصائل (لكنك قد عرفت فيما سبق أن خلفاء الجور وعلماء البلاط وأعداء الإسلام في زمن الأئمة عليهم الصلاة والسلام، كانوا قد دسوا في كتب الأخبار والفقه أخباراً موضوعة مخالفة للكتاب والسنة، غير أنها أخرجت بعد ذلك، ولذا لا نجد من تلك الأخبار المخالفة في الأخبار عيناً ولا أثراً في الحال الحاضر، ومن راجع التاريخ في أخبار القصاصين وجد أبشع من ذلك، ويؤيده ما وضعه علماء العامة من الكتب الخاصة بالوضاعين والكذابين فإن القصاصين كانوا على الأغلب جهالاً وليس لهم هدف من قصصهم سوىإمرار معاشهم ولذلك كانوا يقولون ما يوجب رضا العامة من غير فرق بين ما يخالف الكتاب أو ما يوافقه. 
والخلاصة: ان الذي ألجأ الشيخ لتعميم (ما خالف كتاب الله) للخاص والمقيد هو قرينية الندرة، وقد ردها صاحب الوصائل بما ذكر فلو تم هذا الجواب فبها وإلا انتقلنا الى جواب اخر. 
الجواب الثاني: وهناك جواب اخر على كلام الشيخ في الرسائل: ان الطرح للخاص فيما اذا عارض كتاب الله انما هو في ذلك الخاص المعارَض بخاص مباين له، لا فيما اذا سلم عن المعارضة -والشيخ معنا في ذلك –، بمعنى انه لو رود خبران متباينان تبايناً كليا وكان احدهما اخص مطلقا من كتاب الله ومخالفاً له وكان الاخر كذلك اخص مطلقا ولكنه موافق له,فانه يرجح الخاص الموافق على الخاص المخالف ويطرح الاخير في باب المعارضة. 
ولكن، لولم يكن لدينا إلا خبر واحد هو اخص مطلقا من كتاب الله فان الشيخ أيضاً يقول انه مقدم ويخصص به كتاب الله. 
ومحصل الكلام: ان كلام الشيخ هو في باب تعارض الخاص مع الخاص، لا فيما اذا سلم الاول عن معارضةالثاني، وقاعدة الالزام هي من هذا القبيل، فانه لا وجود لخاص معارض لقاعدة الالزام ورواياتها . 
والنتيجة: انه على كلا المسلكين,فان المخالف لكتاب الله غير شامل لقاعدة الالزام. 
وصلى الله على محمد واله الطاهرين 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=709
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء 19 ذي القعدة 1432هـ
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28