• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : قاعدة الالزام(1432-1433هـ) .
              • الموضوع : 18- تفصيل القول في جبر مجمل الدلالة صحيح السند، بظاهر الدلالة ضعيف السند وتطبيقه على (قاعدة الإلزام) .

18- تفصيل القول في جبر مجمل الدلالة صحيح السند، بظاهر الدلالة ضعيف السند وتطبيقه على (قاعدة الإلزام)

 بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين واللعنة الدائمة على اعدائهم اجمعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. 
كان البحث حول ادلة قاعدة الالزام، وذكرنا ان هناك روايات عديدة يمكن ان يستدل بها على هذه القاعدة، ولكن لابد اولا من احراز حجيتها من حيث السند والاعتبار، وذكرنا ان الطريق للواقع وكشف الحكم الشرعي ليس منحصرا بوثاقة الراوي والمخبر، بل ان وثاقة الخبر ايضا هي طريق الى ذلك, بل ان وثاقة نفس المخبر هي طريق لوثاقة الخبر ايضا، وبالتالي الاعتماد عليه لكشف الاحكام الواقعية. 
وبدأنا البحث حول القرائن العامة والتي يمكن ان يستند اليها في اثبات وثاقة اخبار قاعدة الالزام مما يدل على صحة مضامينها، والتي لو ثبتت لاستغنينا بها عن البحث السندي المعهود. 
قرينية موافقة الكتاب بالمعنى الأعم 
ووصلنا الى قرينة الموافقة للكتاب، وان الموافقة قد تفسر بالمعنى الاخص، وهو مطابقة الخبر مع مدلول الكتاب اما بالمساواة او بالعموم والخصوص المطلق او ما اشبه، وقد تفسر المطابقة بمعنى اعم وهو عدم المخالفة. 
ونضيف: انه يمكن ان يستدل على المعنى الثاني الاعم للموافقة – مع انه خلاف الظاهر – بقرينة الذيل والجملة الاخيرة في الرواية (وما جاءكم يخالف كتاب الله)، والتي يستند اليها للتوسعة في مقدمها (ما جاءكم عني يوافق كتاب الله)، فتكون الجملة الأخيرة قرينة للتوسعة. 
ووجه القرينيية: ان القسمة ليست بحاصرة؛ وذلك لوجود قسم ثالث في المقام وهو (ما ليس بمخالف وليس بموافق )، فلايخلو الحال من أحد شقين: أما أن لا يكون كلام الرسول الاعظم (صلى الله عليه وآله)تاما، لانه ذكر شقين واهمل الشق الثالث رغم كثرة الابتلاء به، واما ان نقول ان الشق الثاني؛ لقرينة وجود شق ثالث، دليل على ان المراد من الاول هو الاعم من الشق الاوسط، فمخالف كتاب الله هو المحور في رده ومقابله 1- ماوافق الكتاب، 2- وماسكت عنه، وهذه القرينة ان تمّت فيها ونعمت والا وجب ان يقتصر بالموافقة على المعنى الاول الاخص لأن المعنى الأعم مجاز . 
وقد جرت الإشارة إلى وجه الاستدلال على الاعم لتقريبه الى الذهن، ولأنه سيثمر في نهاية بحثنا – على فرض قبوله - 
النتيجة: (تطبيق البحث على قاعدة الالزام) 
وعليه: فان قلنا أ – بالاحتمال الأول وهو: ان تلك الآيات (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) و (وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمْ)ذات دلالة تامة على قاعدة الالزام ، فإنها ستكون مصححة لسند الروايات الدالة على القاعدة؛ وذلك لأنها ستكون (موافقة لكتاب الله) وحينئذ فان روايات الالزام سوف تعتضد بقرينة قطعية وهي الموافقة للكتاب ويتصحح سندها، هذا هو المبنى الاول. 
ب - وان قلنا بالاحتمال الثاني وهو عدم استظهار قاعدة الالزام من الآيات المزبورة، فلايمكن ترميم سند هذه الروايات بموافقة مضمونها للقرآن، اللهم إلا لو فسرنا الموافقة بالمعنى الأعم فتأمل وسيأتي وجهه. 
الاحتمال الثالث: الاجمال 
ج - ولكن الكلام في المقام في الاحتمال الثالث، والذي يحتاج الى مزيد تأمل ، وهو القول بالإجمال، فما هو الحال على هذا الاحتمال ؟ 
الحل: رفع الإجمال بالظهور وتقوية الضعيف بالمقطوع 
وفي مقام الجواب فانه يمكن ان يقال – صناعيا - : 
بان اجمال الآيات يمكن ان يرتفع بظهور الروايات, وان سند الروايات يمكن ان يصحح بقطعية صدور الآيات. 
كيف يرفع ضعيف السند إجمال مقطوعه؟ 
ولكن يمكن ان يستشكل على ذلك: 
بان الروايات هي ضعيفة السند وليست بحجة – على فرض ذلك -، وما ليس بحجة كيف يرفع اجمال ما هو حجة سندا ؟ وبعبارة اخرى: ان ما هو قطعي السند مجمل الدلالة و ما هو ظاهر الدلالة غير نقي السند وليس بحجة، فلا فائدة من ضم احدهما الى الاخر، فهل يوجد مخلص من هذا الاشكال؟ 
الجواب: الإمكان ثبوتاً 
ونقول في الجواب: 
إن مابيناه من اعتضاد احدهما بالآخر ممكن ثبوتا، فانه يمكن ان يكون فاقد احدى جهتين لو ضم الى فاقد جهة اخرى لشكل المجموع حجة، ودليلنا على هذا ما سبق ذكره، من ان (فاقد الشيئ لايعطيه) هو كذلك لو لوحظ بشرط لا، واما لو انه لوحظ بشرط شيئ - وهو ضميمة الاخر- فهو واجد لذلك الشيئ , 
وبتعبير اخر اصولي: ان الاخبار وان لم تكن حجة سندا، الا انها تصلح ان تكون قرينة، او من جملة مجموعة قرائن مفيدة للاستظهار من الآيات، هذا ثبوتا 
التوجيه في عالم الاثبات: 
ولكن الكلام ليس في الامكان فحسب، وانما هو في الوقوع وفي عالم الاثبات , 
ونقول هنا: ولتقريب هذا الوجه اثباتا – كدليل أو كمؤيد -: لنعد وننظر الى ما فعله الاصوليون والفقهاء في ابواب اخرى، فمثلا في باب حجية قول اللغوي، فانه لو قلنا انه حجة فسيرتفع الإجمال عن اللفظ الوارد في الآية أو الرواية. 
ولكن لو قلنا بعدم حجيه قوله؛ لان اللغوي ليس من اهل الخبرة في الوضع، وانما هو من اهل الخبرة في الاستعمال، فانه ومع هذا القول من جمهرة من الأعاظم، نجد ان الفقيه والاصولي يكثر من الرجوع الى اقوال اللغويين وذلك ليس لأنه حجة، بل لان كلامه يشكل بعض القرينة او كل القرينة على افادة الظهور في المورد المراد . 
تطبيق الكلام على مورد البحث : 
ولو اردنا تطبيق ما ذكرناه وصياغته بما يلائم مورد البحث، فنقول: ان الرواية المعتبرة لو كان ظاهرها مجملا, فإننا نرجع الى قول اللغوي – والذي ليس بحجة – إذا كان ظاهر الدلالة فيرتفع اجمال روايتنا، وماهذا الا لان قول اللغوي هو قرينة او جزء قرينة تفيد الاستظهار في المقام 
وما ذكرناه فان عمل الاصوليين عليه، وكذا بناء العقلاء، وفي مورد بحثنا قد يقال ان ضم (لكم دينكم ولي دين) الى (الزموهم) يكون قرينة على فهم المراد من الآية 
الاستدلال بمسلك المشهور على جبر الدلالة بالضعيف 
ونستدل بكلام المشهور على المراد وان لم يقبل به الشيخ قال : (ومما ذكرنا يظهر ان ما اشتهر من أن ضعف الدلالة منجبر بعمل الأصحاب، غير معلوم المستند، بل وكذلك دعوى انجبار قصور الدلالة بفهم الأصحاب، لم يعلم لها بينة) – انتهى. 
الفرق بين عمل المشهور و فهم المشهور: 
ولكن ماالفرق بين عمل المشهور وفهمهم؟ 
والجواب: هو ان عمل المشهور يكشف عن ان مضمون الخبر مطابق للواقع، لكن هذا لايصنع ظهورا لألفاظه. 
واما فهم الفقهاء لمعنى من رواية فانه يكشف بالظن النوعي عن وجود قرينة استظهر منها الفقهاء المعنى من تلك الألفاظ فترممت الدلالة بذلك، وهذا كلام دقيق, 
والمقام من هذا القبيل، وذلك ان قول الفقهاء ليس بحجة في حد ذاته في حق الفقيه الآخر، ولكن فهمهم لو كان لرواية تامة سندا غير ظاهرة دلالة، فان فهمهم سيفيد تمامية الدلالة فتكون الرواية على ذلك حجة 
ثم يقول الشيخ بعد ذلك: "وبالجملة فالفرق بين الضعيف المنجبر بالشهرة والمنجبر بغيرها من الامارات، وبين الخبر الموثق المفيد لمثل الظن الحاصل من الضعيف المنجبر، في غاية الاشكال " انتهى كلامه، وذلك ان خبر العامي الثقة حجة وعليه بناء الاصوليين والظن الحاصل من الضعيف المنجبر بالشهرة أو غيرها من الامارات، نظيره، فكيف يفرق بينهما؟ فاما أن نقول بحجيتها معاً أو بعدم حجيتها معاً. 
ولكن ومع كل ماذكرناه، هل تصنع ضميمة روايات الإلزم – على فرض عدم تمامية سندها - استظهارا عرفيا لمن كانت عنده الآيات مجملة؟ 
للكلام تتمة 
وصلى الله على محمد واله الطاهرين 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=707
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاحد 17 ذي القعدة 1432هـ
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29