• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : قاعدة الالزام(1432-1433هـ) .
              • الموضوع : 7- تتمة الاستدلال بقوله تعالى : (لكم دينكم ولي دين) و الاحتمالات في الآية (1) .

7- تتمة الاستدلال بقوله تعالى : (لكم دينكم ولي دين) و الاحتمالات في الآية (1)

 بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين واللعنة الدائمة على اعدائهم اجمعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. 
لازال الكلام في قاعدة الالزام ,و وذكرنا انه لعله يمكن ان يستدل ببعض الآيات القرآنية على قاعدة الالزام وقاعدة الامضاء ,والآية الاولى التي بدأنا بها البحث هي (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ). 
تلخيص واضافة: 
ذكرنا فيما سبق ان ما يستظهر من هذه الآية، سيكون هو محور الاستدلال على قاعدة الالزام من خلال معرفة المراد بالآية,اذ في المقام عدة احتمالات: 
1- ان يكون المراد منها هو انشاء اعتبار اختصاص دينهم بهم وديننا بنا, أي: ان الله تعالى شرع ذلك الاختصاص واعتبره، وهو حكم وضعي يستتبع حكما تشريعيا, فمادام هو دينهم ومعتبراً من قبل الشارع فيجوز – ظاهرياً وقانونياً - عملهم بمقتضاه ويمضى لهم اولا, كما انهم يلزمون بمقتضياته ثانيا. 
2- ان يكون (لكم دينكم) اخباراً في مقام الانشاء , أي: انشاء حكم تكليفي، فهو نوع تعبير عن الانشاء ولكن بقالب الاخبار كما في "يعيد صلاته" والحكم التكليفي هو جواز عملهم بدينهم، ظاهرياً. 
وجهان اخران : 
ويمكن ان نضيف وجهين آخرين ملحقين بهذا الاحتمال الثاني : 
الوجه الاول: ان تكون الآية اخبارا,ولكن لإنشاء الوجوب لا الجواز, أي يجب عليكم العمل بدينكم لزعمكم بذلك, وهذا الوجوب هو وجوب نوعي، لكن هذا المعنى واضح البطلان، إذ لا يحتمل إيجاب الله تعالى عليهم العمل بباطلهم . 
الوجه الثاني:ان تكون بصدد انشاء وجوب ظاهري ناشئ من قطعهم ,أي يجب عليكم العمل بدينكم ظاهرا,وذلك بمقتضى قطعكم به,كما انه يجب علينا العمل بديننا لقطعنا به كذلك, و لا يخفى ان هذين المعنيين الملحقين هما خلاف ظاهر الآية الشريفة. 
تفسير مجمع البيان للآية: 
وننقل هنا عبارة مجمع البيان والتي يمكن ان يستشم منها المعنى الثاني حيث يقول : "وثانيهما ان المعنى هو لكم كفركم بالله ولي توحيدي والاخلاص وهذا وان كان ظاهره اباحة ,فانه وعيد وتهديد ومبالغة في النهي والزجر كقوله "اعملوا ما شئتم " أي :ان ظاهر الكلام رحمة وباطنه تهديد".وكلام مجمع البيان عند التأمل فيه يظهر منه احتمالان, حيث انه اما انه بصدد تأكيد ظاهر الاباحة,او انه بصدد نفيها بتعليل انه وعيد وتهديد, 
وتوضيح ذلك: 
ان قوله: "فانه وعيد وتهديد" اما ان يكون بمعنى ان ما تُوُهِّم من ان ظاهره الاباحة ليس على ما تُوُهم فيكون غاية كلامه هي نفي هذه الاباحة,واما أن يكون بصدد بيان الاباحة الظاهرية ولكنمع زجر واقعي، فالإباحة هي بمقتضى التزامهم واما الزجر فهو بمقتضى المفسدة في متن الواقع ولا تنافي بينهما,فمع تأكيد الاباحة الظاهريةالقانونية هناك زجر واقعي والاحتمال الاول ينسجم مع وجهنا الثاني ومكمّل له و بذلك يكون مؤكدا له,واما مع نفيها فالآية لا تنفعنا في المقام, فتتدبر. 
3- الآية خبرية بنحو القضية الخارجية 
الاحتمال الثالث: وهو ان تكون الآية خبرية بنحو القضية الخارجية لا إنشائية فلا ربط لها بالتشريع وبالتالي ستكون اجنبية عن قاعدتي الالزام والامضاء . 
للقضية الخارجية إطلاقان 
وهنا نشير إلى أمر هام، وهو ان القضية قد تكون خارجية وقد تكون حقيقية,والقضيةالخارجية هي في قبال الحقيقية, ولقد وجدت بعض الفلاسفة يخطّئ بعض الاصولين في تفسير هذا المصطلح، ولكن الحق – على التحقيق - ان للقضية الخارجية اصطلاحين: 
1- المعنى الأخص، أي ما يشار فيها الى الافراد المتحققة في أحد الزمنين الزمن الماضي او الحاضر أي :المحققة الوقوع مثل "قتل من في العسكر",ويقع في مقابلها (الحقيقية) بمعنى المحقق في أحد الأزمنة الثلاثة. 
2- واما المعنى الاعم - وهو الاصطلاح المنطقي –فهو ما يشير الى الافراد المحققة الوقوع في الأزمنة الثلاثة الزمن الماضي او الحاضر او المستقبل ويقع في مقابلها الحقيقية فيراد بها الأعم من الأفراد المتحققة في أحد الأزمنة الثلاثة، والأفراد المفروضة الوجود في احدها, ونحن نتساير الآن مع الاصطلاح الثاني ونتساءل,هل ان (لكم دينكم ولي دين) هي بنحو القضية الحقيقية ام الخارجية؟ 
والجواب :انها قضية خارجية وليس لها علاقة بالافراد المفروضة بل هي بلحاظ الافراد المحققة الوقوع في احد الازمنة الثلاثة فهي خبرية لا انشائية. فتأمل 
مرجعية الروايات لتفسير القرآن: 
لابد لنا عند التعرض لتفسير آيات القران الكريم وتحديد أي الاحتمالات هو المراد، من الرجوع الى روايات اهل البيت (عليهم السلام) في ذلك ؛لانهم عدل القران وهم الذين يبينون اسراره وتأويلاته: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) , وهناك رواية قيمة في تفسير نور الثقلين حول سبب التكرار الموجود فيسورة (الحجر) وهذه الرواية ينقلها صاحب نور الثقلين عن تفسير علي بن ابراهيم حيث يقول: حدثني ابي عن ابن ابي عمير قال: سأل ابو شاكر الديصاني ابا جعفر الاحول عن قول الله تعالى: (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ), فهل يتكلم الحكيم بمثل هذا القول ؟ هذا هو اشكال الديصاني , ولم يكن عند ابي جعفر الاحول جواب , ولما دخل المدينة سأل ابا عبد الله عن ذلك فقال : كان سبب نزولها وتكرارها,ان قريشا قالت لرسول الله : تعبد الهتنا سنة ونعبد الهك سنة وتعبد الهتنا سنة ونعبد الهك سنة , فأجابهم الله تعالى بمثل ما قالوا فقال فيما قالوا تعبد الهنا سنة فقال " قل ياايها الكافرون لا اعبد ما تعبدون" وفيما قالوا نعبد الهك سنة " ولا انتم عابدون ما اعبد " وفيما قالوا تعبد الهتنا سنة " ولا انا عابد ما عبدتم " وفيما قالوا " نعبد الهك سنة " ولا انتم عابدون ما اعبد لكم دينكم ولي ديني",ثم قال فرجع الاحول الى الديصاني واجابه عن اشكاله بما القاه اليه الامام ع فقال الديصاني: هذا ما حملته الابل من الحجاز,أي ليس هذا كلامك. 
اذن هذه الرواية ذكرت تفسيرا للتكرار الموجود فيها، ولكن هل سينفعنا سياق الرواية للاستدلال بها على مطلوبنا او لا؟ 
وللكلام تتمة ستأتي ان شاء الله 
وصلى الله على محمد واله الطاهرين 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=696
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاثنين 27 شوال 1432هـ
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18