• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : المكاسب المحرمة (1433-1434هـ) .
              • الموضوع : 4- مناقشة كلام الشيخ في معقد نفي الخلاف ـ معاني محتمله اخرى للظلال ـ (عنوان المسأله) حسب مانراه .

4- مناقشة كلام الشيخ في معقد نفي الخلاف ـ معاني محتمله اخرى للظلال ـ (عنوان المسأله) حسب مانراه

بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآلة الطاهرين واللعنة الدائمة على اعدائهم اجمعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. 

كان البحث حول حفظ كتب الضلال ,وذكرنا انه ينبغي ان يتم ذلك ضمن مباحث ومقاصد خمس , والمبحث الاول منها كان في تحقيق الموضوع والمتعلق ومتعلق المتعلق ,وجرى بعض الكلام حول ذلك ,ووصلنا الى كلمة الضلال التي هي متعلق المتعلق ,وذكرنا ان المباحث التي ينبغي ان تبحث فيها اربعة او خمسة مباحث ؛ وذلك لتنقيح المراد من هذه الكلمة ووصلنا الى المبحث الثاني : 

وهو ان الشيخ قد قال : - بتوضيح - " يحتمل في ( الضلال ) احد معنين : المعنى الاول: هو الباطل فيكون معنى حفظ كتب الضلال هو حفظ الكتب المشتملة على الاباطيل , وان لم تكن سبباً للاضلال وعلى هذا فان ما كان باطلا في حد ذاته كالسحر والكفر والاباطيل فحفظ الكتب المشتملة عليه حرام وان كان الحافظ محصّنا من الانحراف. 

المعنى الثاني: وهو ان يراد بالضلال ما يقابل الهداية , وسيكون المعنى هو حفظ كتب الإضلال وبناءا على المعنى الثاني فان حفظ كتب الباطل لو لم يسبب الاضلال فليس بمحرم,والعكس كذلك صحيح فان كتب الحق لو سببت الاضلال فهي محرمة , هذا هو المعنى الثاني للكلمة . 

مثال ثاني : وقد اوضحنا كلام الشيخ بمثال اول قد ذكرناه فيما سبق ونضيف مثالاً آخر وهو متشابهات القران فان القران حق كله، ومتشابهاته حق كما هي محكماته ,ولكن لو ذكر احدهم بعض المتشابهات لضعيفِ نفسٍ شكاك , فادى ذلك الى انحرافه فهو حرام, كما لو ذكر له الاية : )لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ( وذكر من جهة اخرى : )فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً( مما أوهمه التناقض فان ذلك حرام حسب الرأي الثاني دون الرأي الاول . 

الطريقية اوالموضوعية في كتب الضلال : وبتعبير اخر لما سبق – وهو بحثنا الان – هل ان لكتب الضلال الموضوعية من حيث حرمة الحفظ – وهو المعنى الاول – ؟ او ان حرمة حفظها إنما هو لطريقيتها للإضلال؟ – وهو ما استظهره الشيخ – وهو المعنى الثاني؟ ولذا فان حفظ كتب الضلال من حيث انها تضل فانها محرمة لا بما هي هي بحد ذاتها 

اضافة مهمة : (عدم ورود المصطلح في الروايات ) ونضيف اضافة مهمة تعقيباً على ما قاله الشيخ وهي: ان هذا المصطلح أي :(كتب الضلال) لم يرد في الروايات كما صرح به في الجواهر وحيث هو كذلك فان التمسك باطلاقه في مقام الاستدلال لا وجه له, أي: ان القول بان (الضلال) اعم من البطلان والاضلال والتعميم لكلا المعنين من خلال الاطلاق , هذا لا وجه له . 

وكذلك سائر المعاني الاخرى وهي هل المراد من الضلال هو الضلال في الجملة او بالجملة ؟ فان الكلمة لو كانت واردة في الروايات استطعنا ان نتمسك باطلاقها لتشمل كلا الموردين 

طريق الشيخ للتمسك بالاطلاق : ولكن الشيخ الانصاري اراد ان يتمسك باطلاق المصطلح والكلمة وذلك من خلال التفصي بطريقة لطيفة عن الاشكال المار وهي : ان هذه الكلمة وان لم ترد في الروايات ولكنها هي معقد نفي الخلاف ؛لانهم قالوا انه لا خلاف في حرمة حفظ كتب الضلال قال الشيخ: (ونفي الخلاف لا يقصر عن الاجماع) والنتيجة : ان البحث حول كلمة الضلال وإطلاقها له فائدة، فان تم ذلك عممنا وإلا اقتصرنا على القدر المتيقن في المقام. 

مناقشة الشيخ الانصاري : ونحن نذكر مناقشتين للشيخ الانصاري : المناقشة الاولى : وهي مناقشة مبنائية , وهي ان نفي الخلاف يقصر عن الاجماع – كما ذكره (إيصال الطالب). توضيح ذلك : هناك فرق بين نفي الخلاف والاجماع فان نفي الخلاف سلبي و اما الاجماع فايجابي ,حيث ان الاجماع هو احراز الرأي بالوفاق ,واما نفي الخلاف فهو عدم وجدان المخالف إلا ان ذلك قد يكون لسكوت البعض؛ ولذا فان الاجماع اقوى. 

والحاصل: ان دائرة نفي الخلاف اضيق من دائرة الاجماع فيكون معقد نفي الخلاف اضعف من الاجماع . 

دفاعا عن كلام الشيخ الانصاري : ونقول في مقام الدفاع عن كلام الشيخ الانصاري : لعل نظر الشيخ الى وجه حجية الاجماع فلا يكون – بناءا على ذلك – الأضيق دائرة، أضعف من حيث الحجية من الاوسع دائرة أي لا يقصر معقد نفي الخلاف عن الاجماع بلحاظ دليل الحجية ؛ لان وجه حجية الاجماع لو كان اللطف فانه قد يقال انه جار ايضا في نفي الخلاف وكذا لو كان وجه الحجية هو الحدس ,أي انه يحدس من اتفاق امة على رأي رئيس – وان لم يستمع منه – انه رأيه وكذلك يحدس من عدم الخلاف ذلك, فلو أن مجموعة من اصحاب مرجع معين نقلوا راي ذلك المرجع وكانوا بنسبة 90% مثلاً, دون الباقين أي 10% , حيث سكتوا فيحدس من ذلك ان هذا الرأي المنقول من المجموعة الاولى ( 90%) هو رأي المرجع ,والمتحصل : انه سواء كان الاجماع لطفيا او حدسيا او دخوليا او تشرفيا فانه قد يقال انه لا فرق بين عدم الخلاف والاجماع ,ويبقى النقاش الاصولي المبنائي حول ذلك في محله . والنتيجة : ان كلام الشيخ من الناحية المبدأية له وجه وجيه وان كان قد يقبل او لا يقبل من المجتهد الاخر , هذا هو النقاش الاول مع جوابه النقاش الثاني : وهذه المناقشة هي عمدة نقاشنا مع الشيخ ونقول فيها : كأن الشيخ سلم بالفعل بان هذا المصطلح (كتب الضلال) غير وارد في الروايات ولذلك فقد تشبث بذيل معقد نفي الخلاف لاعطاء وجه شرعي للتمسك بالطلاق وعدمه, لكن نقول : ان هذا المصطلح – او ما يقاربه - قد ورد في ثلاث او اربع روايات وبعض هذه الروايات كانت بمرأى من الشيخ ,بل قد نقلها وسنذكرها ان شاء الله تعالى ؛ ولذا فاننا لا نحتاج للتمسك بمعقد نفي الخلاف لوجود المصطلح او نظيره في الروايات فيمكن التسمك باطلاقها ،واما الروايات التي يوجد فيها المصطلح فهي عديدة كما قلنا ومنها رواية الحذاء وهي : " من علم باب ضلال كان عليه مثل وزر من عمل به " الواردة في كتاب الكافي الشريف , وهنا نذكر فائدة هامة فانه وعلى حسب مبنى الشيخ كما هو حال بعض اعاظم الفقهاء الاخرين كالشهيد الثاني والشيخ البهائي وهو ايضا مبنى الميرزا النائيني في خصوص الكافي : فان مراسيل الثقاة حجة 

والشيخ قد استند بنفسه الى رواية مرسلة في تحف العقول فصدَّر بها كل مكاسبه ومادام كذلك فإنه كان الاولى له ان يستند الى هذه الرواية في المقام ؛فانها اقوى في الحجية من مرسلة تحف العقول, لورودها في الكافي الشريف. ورواية الحذاء وردت فيها كلمة (باب ضلال) وهذه الكلمة اعم من كتب الضلال كما هو واضح فتشمل اتخاذ مدرسة ضلال وحفظها وحراستها او مقبرة او مزار او غير ذلك فانه يمكن التمسك باطلاق هذه الكلمة – مبدئيا – وان كان قد يناقش ذلك بلحاظ ما اشتملت عليه الرواية من الخبر وبلحاظ (علّم) فان ذلك قد يقيد الاطلاق أو لا يسمح له بأن ينعقد كما سيأتي , وعلى ذلك فيقع البحث في انه هل المراد من الضلال الضلال بالمعنى الاول أي الباطل ؟ وان المراد منه هو الضلال بالمعنى الثاني أي الاضلال ؟ فنتمسك بالاطلاق ليشمل كلا المعنيين, هذه هي الرواية الاولى التي يمكن ان يقال بالتمسك باطلاقها , 

الرواية الثانية :واما الرواية الثانية فهي نفس رواية تحف العقول , فان الشيخ إن لم يكن قد رأى الرواية السابقة في الكافي كما هو حال صاحب الجواهر وبعض المتأخرين والذين قالوا فيها انها مرسلة المستند مع انها هي مرسلة الكافي فإنه رأى هذه الرواية الثانية بل وسجّلها في مكاسبه كما هو بيَّن وهي رواية تحف العقول وهي : " ...او شئ يكون فيه وجه من وجوه الفساد " ,وهذا المصطلح يشمل كلا المعنيين وهما : الفاسد في حد ذاته ( أي اللازم بالتعبير النحوي ) وهو: الباطل هذا هو المعنى الاول . واما المعنى الثاني فهو الفاسد أي المفسد ( والمتعدي في التعبير النحوي ) وهو الاضلال وبتعيبير اخر : هل ان الفساد هل اخذ على نحو الموضوعية ام الطريقية ؟ والذاتية او الغيرية ؟ وبناءا على هذه الرواية فاننا نستطيع ان نتمسك باطلاقها وسيـأتي مزيد كلام حول هذه الرواية الرواية الثالثة : وهي الموجودة في الفقه الرضوي وهي : " ...وكل امر يكون فيه الفساد ", وهنا ايضا وبناءا على مبنى الشيخ من حجية مراسيل الثقات فانه يمكن التمسك بهذه الرواية , ويمكن التمسك كذلك باطلاق اللفظ لتعمم الفساد للفساد في الجملة ولتعميم لكل من الذاتي او الطريقي ؟ هذا هو نقاشنا الثاني مع الشيخ. 

المبحث الثالث في كلمة الضلال :وهو المبحث الذي ذكره الميرزا الايرواني حيث عمم مبدئياً وإن ردّه لاحقاً - القسم الاول من قسمي الشيخ الانصاري كما انه عمم القسم الثاني , فقد كان القسم الاول من الضلال هوالبطلان كما في: )وَضَلَّ عَنكُمْ مَا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ( أي بطل وضاع, وكذلك : )أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ( أي ابطل 

والمحقق الايرواني يقول: " ان الضلال بهذا المعنى أي الاول يشمل ما لا غاية عقلائية فيه " مثل الحكايات والقصص وان كانت حقا ؛ فان نقل مثل هذه الامور للتسلية ومجرد قضاء الوقت فقط، لا للعبرة لا غاية عقلائية فيها ,وهذه الموارد مشمولة بالروايات فهل يجوز للانسان ان يكتب قصة بوليسية بهذا القصد لبيعها وهل يجوز له مطالعتها او غير ذلك ؟ 

والايرواني يقول : ان كل ذلك لا غاية عقلائية فيه، فيشمله الضلال بمعنى الباطل. ثم بعد ذلك يعمم المحقق الايرواني المعنى الثاني أي الاضلال ليشمل الانحراف نظراً لقصور السامع مثل متشابهات القران وكذلك ذكر الفضائل العالية للنبي الاكرم (ص) واهل بيته الاطهار (ع) فانها وان كانت حقاً في حد ذاتها إلا انها بسببب القصور في بعض السامعين المسبّب لانحرافهم يحرم نقلها لهم ,وكذلك الحال فيمن يبيع أو يهب الكتاب لمعاند وهو يعلم ان ذلك لا يزيده إلا عنادا وتعنتا، او ان يعطي ذلك الكتاب شخصا محايدا وهو يعلم أنه سينحرف بمطالعته. 

المبحث الرابع في كلمة الضلال: ونص عبارة صاحب المستند : المراد من الضلال ما خالف الحق واقعا كما يخالف الضروري او بحسب علم المكلف خاصة واما ما خالفه بحسب ظنه فلا ".توضيح ذلك : ومراد صاحب المستند هو ان المقصود من الضلال هو الضلال الثبوتي وان قطعت انه حق فحفظه حرام أي في مرحلة الاقتضاء والإنشاء.واما القسم الثاني فهو الضلال الاثباتي أي ان علمت انه حق واقعا فكذلك حفظه حرام 

واما القسم الثالث فهو ما ظننت انه ضلال فان صاحب المستند يقول بعدم شموله, أي لو ظننت ان هذا الكتاب يجر الطرف الاخر للانحراف فبيعه له مثلاً ليس بمحرم 

تخليص البحث مع اضافة : ولقد ظهر لنا مما مضى في البحث عن موضوع المسألة ان العنوان الذي ينبغي انتخابه لهذه المسألة اعم من العنوان الضيق الذي عنونه به الفقهاء من الشيخ الطوسي الى صاحب العروة ومن سبق ولحق، فان عنوان ( حفظ كتب الضلال ) خاص ولكن المعنون عام ؛ ولذا ينبغي ان يعمم البحث فيكون العنوان : " حفظ كتب الضلال ومسببات الفساد وكل باب يوهن به الحق وما فيه وجه من وجوه الفساد وجميع انواع التقلب فيها ". وهذا العنوان هو المطابق لمورد البحث والأخذ والرد والادلة حيث انه بسعة ما اقتطفناه من الروايات ونصوصها إلا الجملة الأولى واما الروايات التي تذكر هذه العناوين ويستند إليها في توسعة حدود موضوع المسألة فهي: اولا :ما جاء في تحف العقول ( .. أو شئ يكون فيه وجه من وجوه الفساد ...فهذا كله حرام محرم لان ذلك لكه منهي عن اكله وشربه ولبسه وملكه وامساكه والتقلب فيه فجميع تقلبه في ذلك حرام..) واما الرواية الثانية فهي ما ورد فيها في موطن اخر وهي: (...او باب يوهن به الحق فهو حرام محرم ) واما الرواية الثالثة فما جاء في الفقه الرضوي ( .. وكل امر يكون فيه الفساد ) واما الرواية الرابعة فهي رواية الحذاء ,فكل هذه الروايات الاربعة قد اقتطفنا منها عنواننا ,مع اضافة العنوان الذي ذكره الفقهاء تتمة لطيفة : الحفاظ على التراث وهنا سؤال مهم وهو: لماذا ذكرنا في مطلع عنوان المسألة كلام الفقهاء وجعلناه بعض العنوان مع أنه لم ترد به آية ولا رواية؟ وجواب ذلك : ذكرنا في المطلع كلام الفقهاء لجهتين : الجهة الاولى ) وهو ما أشار اليه الشيخ الانصاري حيث انه معقد نفي الخلاف وهذا يصلح دليلا او مؤيدا الجهة الثانية) وهذا الوجه هو وجه منهجي وهو ضرورة المحافظة على التراث العلمي والأدبي، واننا قد لاحظنا البعض الذين ارادوا تجديد الفقه والاصول قد غفلوا عن هذه النقطة فنقول:ان اغفال الاصطلاح القديم خطأ لان المصطلح القديم تراث علمي وفكري والحفاظ عليه حفاظ على تراث غني وهذه الفائدة ليست بفائدة جمالية فحسب او احترامية فقط,بل لابد من حفظ العنوان الذي جرى عليه الفقهاء او الاصوليون او المتكلمون لأنه يقع في معرفة مسيرة البحث التاريخي كما يعد الجسر الواصل بين القديم والحديث وذلك ذو فائدة كبيرة ؛لان هذا العنوان ( حفظ كتب الضلال ) لو كان امامنا وبين ايدينا لراجعنا قول الفقهاء كالشيخ الطوسي والانصاري وغير ذلك، فنستحضر بذلك الأقوال والآراء والأدلة واما ان يبتدع عنوان جديد فانه لا يكفي وإن كان مستلهماً من الروايات فاننا لو الغينا ما ذكره الفقهاء فان ذلك سيعقّد مهمة الباحث في تلك الكتب والتي سارت على الاصطلاح القديم بل كثيراً ما يحرمه من نكات مهمة وعليه فان كل من يريد تطويرا في العلة الصورية في المباحث فعليه ان يحافظ على المصطلحات السابقة بنصها، وله أن يضيف ما يكملها أو يذكر الى جوارها البديل.وللكلام تتمة وصلى الله على محمد واله الطاهرين... 

 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=26
  • تاريخ إضافة الموضوع : السبت 27 شوال 1433هـ
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19