• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : المكاسب المحرمة (1433-1434هـ) .
              • الموضوع : 3- هل المراد بالظلال في الجملة ام بالجملة ؟ ـ هل المراد به الباطل في نفسه او مايقابل الهداية؟ .

3- هل المراد بالظلال في الجملة ام بالجملة ؟ ـ هل المراد به الباطل في نفسه او مايقابل الهداية؟

بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآلة الطاهرين واللعنة الدائمة على اعدائهم اجمعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. 
 
كان الحديث حول مسألة حفظ كتب الضلالة , وبدأنا فيما مضى بتنقيح الموضوع ومتعلَّقه ومتعلق المتعلق , ووصلنا الى كلمة (الضلال ) , وقلنا ان هناك عدة بحوث في تحديد المراد منها, وهذه البحوث كلها اساسية لابد من استحضارها في الذهن، كي نرى، عندما نصل الى الادلة، مدى دلالتها عليها ,حيث ان اعاظم الفقهاء قد اختلفوا في ذلك اختلافا شديدا , ونحن كمتشرعين - وبلا تعصب لهذا الرأي تشددا او الميل الى الاخر انفتاحا وتساهلاً - لابد لنا ان نرى ما هو حكم الله تعالى من خلال الذي نفهمه من الآيات الروايات الشريفة, 
وسننقل كلام صاحب الجواهر وكذلك رأيين من آراء اعاظم الفقهاء لنلاحظ ما فيه خلاف شديد، وعليه ينبغي التأمل في الادلة بدقة 
المبحث الاول : ما هو المراد من الضلال ؟ فهل المراد الضلال (في الجملة) ؟ وهذا رأي مجموعة من اعاظم الفقهاء ومنهم صاحب الجواهر وصاحبا المسالك وجامع المقاصد على ما استظهره معهما الجواهر , اوان المراد من الضلال هو الضلال ( في الجملة) ؟ هذا ايضا هو رأي مجموعة من اعاظم الفقهاء , ومنهم صاحب مفتاح الكرامة . ويتفرع على ذلك : ان كتابا مثل الكامل في التاريخ او تاريخ الطبري او كتب تفاسير المخالفين او كتب اللغة لهم او المنجد للمسيحين , كل هذه الكتب هل يجوز اقتناؤها ؟ 
فان كتاباً كالمنجد او الكامل في التاريخ والذي فيه الكثير من الاحداث الصحيحة ,ولكنه في نفس الوقت توجد العديد من وجوه الفساد والتحريفات فيه, وكل شخص لا يريد اقتناء هذه الكتب للرد على اباطيلها او للتقوي ببعض مطالبها على الخصم او للتقية او ما اشبه ذلك , فهل يجوز له شراء هذه الكتب لصرف ان تكون في مكتبته او أن يراجعها احيانا ؟ هذا هو موطن الخلاف الشديد على ضوء ما يستفاد من الادلة 
عبارة صاحب الجواهر:ونقرأ بعض عبارة صاحب الجواهر حول ذلك حيث يقول :" انما الكلام في المراد من كتب الضلال ففي شرح الاستاذ ليس الغرض من كتب الضلال ما اشتمل على الضلال في الجملة , وإلا لم يمكن الرجوع الى كتب اللغة والعربية وتفاسير القوم وغيرها من كتب المقدمات، ووجب إتلافها. 
ثم بعد ذلك يقول: (وفيه انما سمعته من الدليل لا يقتضي الاختصاص بذلك، بل مقتضاه الحرمة في كل ما فيه ضلال قل او كثر، وضع لذلك او لا , ولذا صرح في المسالك ومحكي جامع المقاصد بوجوب إتلاف خصوص موضع الضلال من الكتاب المشتمل عليه وعلى غيره) 
ثم بعد ذلك ينقل صاحب الجواهر عن مصباح الكرامة : " ان الظاهر من الاصحاب كون المراد بكتب الضلال ما كان كلها ضلالا مثل التوراة والانجيل و كتب القدماء من الحكماء القائلين بقدم العالم وعدم المعاد وكتب عبدة الأصنام منكري الصانع" 
ثم يقول: "اما ما اشتمل على كتبهم مع كونه مشحونا بما يوافق العدلية ككتب المعتزلة وبعض كتب الاشاعرة وتفاسيرهم واصول فقهم والصحاح الست فلا حرمة بها) . وهذا الرأي هو لصاحب مفتاح الكرامة 
ردّ صاحب الجواهر على ذلك :ثم قال صاحب الجواهر: (وفيه ما عرفت من انه ليس في النصوص هذا اللفظ كي يقتصر على المنساق منها من كونه مُعدَّا لذلك او كون مجموعه ضلالاً او نحو ذلك وانما العمدة ما سمعته من الدليل الذي لا فرق فيه بين المعد وغيره, والكل والبعض والاصلي والفرعي الذي على كونه ضلالاً ولو للتقصير في الاجتهاد ونحوه .. " ,وعليه: فإن هذا المبحث جدير بان يتوقف عنده لاختلاف اعاظم الفقهاء فيه ولابد من ملاحظة الدليل وما يقتضي بغض النظر عن الارآء المختلفة للاعلام 
المبحث الثاني في الضلال(محتملات الشيخ الانصاري ) وهو ما ذكره الشيخ الانصاري في وسط بحثه في المراد من الضلال , حيث يقول صاحب المكاسب ان المحتملات في الضلال ثلاث : الاحتمال الاول : (الاحتمال الاول لكلمة الضلال ما هو باطل في نفسه), أقول: وبحسب تعبير السيد القزويني في كتابه القيم : " الضلال قد يطلق على ما يرادف البطلان وتوضيحا لكلام الشيخ الانصاري يمثل القزويني في كتابه بالاية الشريفة من سورة محمد ص : " وأضل أعمالهم " أي : ابطل اعمالهم, وأضيف الاية الأخرى التي ذكرها (مجمع البحرين) حيث استند اليها : " وضل عنكم ما كنتم تزعمون " أي بطل عنكم وضاع حيث كانوا يزعمون ان الاصنام هي الهتهم وهي التي تحميهم ولكنها بطلت , أي بطل توهمهم بشفاعتها لهم. 
والمتحصل : ان المعنى الاول لكلمة ضلال هو معنى قرآني مستخدم وقد استشهدنا عليه بمثالين وآيتين من القرآن الكريم, 
وعلى هذا فكل كتاب كان باطلا بحد ذاته وان لم يضلك فهو حرام على الرأي الاول , ومثاله كتاب السحر فإنه باطل في حد ذاته, فإذا كنت انا المكلف محصناً تجاهه وممن لا يتأثر به,فهل حفظ ذلك الكتاب ومطالعته جائزة بالنسبة لي او لا ؟ او مثل كتاب غرامي او كتاب فيه هتكاً لهم وإهانة على المسلمين ( كالاكراد والهنود مثلاً) تتضمن مما لا يرضى الله به تعالى . فنفس ذلك هو باطل بحد ذاته حتى لو لم يوجب ضلالاً وإنحرافاً وعدواناً للقائل او السامع وعلى ذلك: فان (الضلال حرام) قد اخذ بنحو الجنبة الموضوعية وليست هناك جنبة طريقية له الاحتمال الثاني : واما المعنى الثاني المحتمل لكلمة الضلال فهو ما يقابل الهداية , وعلى هذا المعنى فا كتب الضلال لا يراد منها الكتب الباطلة الفاسدة بحد ذاتها والمخالفة للحقيقة، بل المراد منها، كتب الاضلال وهذا المعنى الثاني ينقسم الى قسمين: حيث يوجد احتمالان لمعنى كتاب الاضلال في مقابل الهداية: كلام الشيخ الانصاري حول معنى الضلال : ويقول الشيخ الانصاري حول معنى كتب الضلال : " ... وان المراد به مقابل الهداية فيحتمل ان يراد بكتبه (ما وضع لحصول الضلال) وان يراد (ما أوجب الضلال وان كان مطالبها حقا). 
وعليه فالشيخ يذكر معنين وهما: ما اوجب الضلال وما قصد به الضلال ,وما اوجب الاضلال هو المقدمة الموصلة , والمعنى الاخر أي معنى الشأنية متضمن في كلام الشيخ ظاهراً. أقول ما قصد به الاضلال أعم مما كان حقا في نفسه فالقصد هو مدار الحرمة , أي الكتب التي قصد بها اضلال الغير وان كانت في حد ذاتها صحيحة وسيأتي مثالها ان شاء الله تعالى وهناك قسم آخر لم يشر له الشيخ وهو كتب الضلال التي من شأنها الاضلال, فان بيع كتاب سحر لشخص من قبل شخص اخر لا يجوز وان لم يقصد الشخص البائع اضلال المشتري ولا ترتب عليه خارجاً. وبتعبير اخر : ان الامر اما ان يعود الى الشخص او الى الشأن , وكتب الاضلال ان كان معناها ما قصد به الاضلال فالمحور شخصي وان كان معناها ما من شأنه الاضلال فالمحور شأني, ويمثل الشيخ لما لم يوضع للضلال ولكنه يوجبه ببعض كتب العرفاء والحكماء المشتملة على ظواهر منكرة ,ويدّعون ان المراد غير ظاهرها , فان هذه الكتب هي كتب ضلال على تقدير حقيتها, أي أنها مما اوجب الضلال وان كان واقعه حقا عبارة القزويني في كتابه ينابيع الاحكام : وقد ذكر السيد القزويني انه قد يطلق بـ ( الضلال ) على ما يقابل الهداية , وهذا شائع فيكون المراد من كتب الضلال حينئذ هو ما قصد بوضعه الاضلال وحصول الضلالة سواء قصد ذلك او لا وسواء ترتب الضلال على اسلوبه وتاليفه أو على مطالبه المندرجة فيه " انتهى كلامه باختصار. والخلاصة من كل ذلك : ان هذه المعاني كلها ينبغي ان تلاحظ وهي : 
اولا : الكتب الباطلة في حد ذاتها ثانيا : ما من شأنها ان يترتب عليها الضلال ثالثا: التي يترتب عليها الضلال خارجا أي المقدمة الموصلة رابعاً : وهي التي يقصد بها الشخص الاضلال 
تعقيبات مهمة على كلام الشيخ الانصاري :التعليق الاول وهو اضافة توضيحية في المقام حيث نسأل: ماهي النسبة بين المعنى الاول والمعنى الثاني بشقيه بل بشقوقه؟ والجواب : ان النسبة بينهما هي العموم والخصوص من وجه أي بين 
اولاً) كتب الضلال الفاسدة والباطلة وبين ثانياً) الكتب التي قصد بها الاضلال , ثالثاً) أو التي من شأنها الاضلال ,رابعاً) او التي يترتب عليها الاضلال.ومادة افتراق المعنى الاول عن المعاني الثلاث الاخيرة هي الكتب الباطلة في حد ذاتها وان لم يترتب ولم يقصد ولم يكن من شأنها الاضلال ومثاله الكتاب الواهي جداً المودع لدى المحصن ضد ذلك الكتاب مثلا فانه باطل بحد ذاته فإذا لم يقصد بائعه الاضلال ولم يترتب عليه ذلك خارجا، فإنه مادة افتراقاً 
مثال صاحب الجواهر :ويمثل صاحب الجواهر بمثال اخر مستبعد حيث يقول : كما في كتب الضلال المتتشرة الان ككتب المسيحين واليهود ويقول ان هذه بحكم التالف ؛ وذلك لانه قد ظهر الحق , والردود عليها كثيرة ولا تعد كتب ضلال أي : ان هذه الكتب بحكم التالف لثبوت الرد عليها , 
وهذا الكلام منه ( قده) يبدو غريبا ولكنه هو على ما اختاره فان هذه الكتب باطلة في حد ذاتها ولكن لا يترتب عليها الاضلال مثلا . 
واما في الجهة المقابلة فمادة افتراق المعنى الثاني والثالث والرابع عن الاول هو المثال الذي ذكره الشيخ في ظواهر كتب العرفاء فهذه لوكانت واقعا حقا إلا ان اللبس نشأ من ظاهرها , وهذا التمثييل من صاحب المكاسب سنتوقف عنده لاحقاً ان شاء اللع تعالى تمثيل اخر :وخطر بالبال تمثيل اخر وهو ذكر فضائل الرسول (ص) واهل البيت ع العالية والتي لا يتحملها الطرف الاخر فيما إذا سببت جحوده وانكاره وارتداده فهذ المطالب وان كانت حقة في حد ذاتها وليست باطلة وليست ضلالاًً بالمعنى الاول ولكنها بحسب المعنى الثاني يمكن أن يترتب عليها الضلال بحسب الشخص القابل ولذلك اوجب اهل البيت ع علينا ان نكلم الناس بما يعرفون لا بما ينكرون 
التعليق الثاني :ونقول فيه: وهو أن مثال الشيخ بكتب العرفاء والتي ظاهرها باطل وواقعها بزعمهم حق اذا قصدوا منها غير (الظاهر بالجبر وعدم المعاد وغيره) ان الشيخ قد عدها من مصاديق الحق لا الباطل بالمعنى الاول, 
ونقول : بل هي باطلة بالمعنى الاول أيضاً فانه لدينا علة صورية وعلة مادية ,والباطل قد يكون بلحاظ العلة الاولى وقد يكون بلحاظ العلة الثانية وكتب العرفاء والحكماء باطلة من حيث ظواهرها منكرة وان كانت حقة بحسب الواقع والباطن من حيث العلة المادية – بحسب زعمهم – والشيخ لم يعدها من كتب الضلال بالمعنى لاول ولكن نقول : بلحاظ علتها الصورية هي باطلة ومن كتب الضلال بالمعنى الاول , وان لم تكن كذلك من حيث العلة المادية . 
توضيح وتاكيد :ولتوضيح مابيناه اكثر وكذا لتاكيده نقول : لو ان شخصا كتب بعض آيات أو سور القرآن بعكس الترتيب، كما لو كتب – بعنوان أنه قرأن -: ( باسم ربك الذي خلق اقرا) مثلا فان هكذا تلاعب بالعلة الصورية للايات الكريمه سيجعل من هذا الكتاب كتاب ضلال ويجب ان يتلف 
والنتيجة: ان تخصيص الشيخ الضلال أي البطلان بما كانت علته المادية غير مطابقة للواقع فقط، لاوجه له. وللكلام تتمة وصلى الله على محمد واله الطاهرين .... 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=25
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء 23 شوال 1433هـ
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19