• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : التعارض - التعادل والترجيح (1436-1437هـ) .
              • الموضوع : 11- النسبة بين مباحث التعارض والتزاحم والورود والحكومة ـ بحث عن العلة الصورية لعلم الاصول والهيكلية العامة الجامعة المانعة وتقييم تبويب (الكفاية) للاصول .

11- النسبة بين مباحث التعارض والتزاحم والورود والحكومة ـ بحث عن العلة الصورية لعلم الاصول والهيكلية العامة الجامعة المانعة وتقييم تبويب (الكفاية) للاصول

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، بارئ الخلائق أجمعين، باعث الأنبياء والمرسلين، ثم الصلاة والسلام على سيدنا ونبينا وحبيب قلوبنا أبي القاسم المصطفى محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين الأبرار المنتجبين، سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم إلى يوم الدين، ولا حول ولا قوه إلا بالله العلي العظيم.
الاصول
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(11)
موقع التزاحم، الحكومة والورود من مباحث التعارض والأصول
سبق: (والحق ان المسائل ثلاثة : التعارض ، التزاحم ، الحكومة والورود او اكثر، وكان من اللازم افراد مسائل منفصلة لها او العثور على جامع يجمعها – كما سيأتي بيانه بإذنه تعالى – ولا وجه لما صنعه الكثير من الاصوليين حيث اخرجوا الثلاثة الاخيرة من العنوان بعد ان اتخذوه (التعارض) فكان لازم ذلك كون بحثها استطراداً لكونه من الاستثناء المنفصل ، مع انه يرد عليهم ان هذه الثلاثة الاخيرة هي من اهم مسائل الاصول بل هي قلب الاصول ، كما سبق وسيأتي، ولئن شُكِّك في مباحث العام والخاص والمطلق والمقيد في انها من مقدمات الاصول او مسائله فانه لا مجال للتشكيك في مباحث الحكومة والورود والتزاحم وشبهها في انها من مسائل الاصول.
وعليه: فان جعل عنوان الباب (التعارض) ثم اخراج امثال الحكومة منه بنحو الاستثناء المنفصل، ثم بحثه في هذا الباب مما يجعله استطراداً محضاً، لا وجه له، وذلك كجعله (التعارض) ثم إخراج (اجتماع الامر والنهي) منه وبحثه مع ذلك فيه.
وسيأتي منا ما يحل المعضلة بوجوه منها وجه اساسي يرتبط بالعلة الصورية لكامل مسائل علم الاصول ويتضمن اعادة هيكليته - في ما نتصور- بما ينسجم مع موضوعه وبما يشمل كل المسائل بدون تداخل وبوجه دقيق وواضح، ويتضح به ارجحية هذا التصنيف الجديد بتلك الوجوه الثلاثة([1]) على تصنيف صاحب الكفاية وعلى تصنيف الشيخ المظفر الذي اعتبره بديلاً افضل، فانتظر)([2]).
العلة الصورية المقترحة لعلم الأصول: الهيكلية والمقاصد
وهذا المبحث هو مبدأ من المبادئ التصديقية لعلم الأصول كما ان خصوص تحديد موقع مباحث التزاحم والورود والحكومة... الخ وانها تقع في أي مقصد أو باب هو من المبادئ التصديقية لهذه المسائل.
والذي يخطر بالبال ان الأولى الأرجح في العلة الصورية لعلم الأصول وكيفية تبويبه وعناوين أبوابه وتسلسل مباحثه هو الآتي:
1- المبادئ التصورية والتصديقية لعلم الأصول
أولاً: المبادئ التصورية والتصديقية لعلم الأصول.
وهي التي اسماها جمع بمباحث الألفاظ وعدها الكفاية من المقدمة، إلا ان جعل المحور المبادئ التصورية والتصديقية هو الأولى لما أوضحناه في كتاب (المبادئ التصورية والتصديقية للفقه والأصول) فراجع.
ومزيد التدقيق في ما ذكروه بعنوان المقدمة أو مباحث الألفاظ مع لحاظ ما صرنا إليه، يقتضي التالي:
المبادئ للفقه والمبادئ للاصول
أ- تصنيف المبادئ إلى مبادئ لعلم الفقه وأخرى لعلم الأصول.
فمن الأُولى: مباحث (الحقيقة الشرعية) فان ثبوتها وعدمه في ألفاظ العبادات والمعاملات مما يرتبط بالفقه فانها موضوعات الأحكام والفقه شأنه البحث عن الأحكام وموضوعاتها([3]) اما الأصول فشأنه البحث عن الحجج على الأحكام والوظائف لا الأحكام ولا موضوعاتها.
ومنها: مباحث الصحيح والأعم في ألفاظ العبادات والمعاملات.
ومنها: مباحث المشتق، وغيرها.
وعليه فلا داعي لبحث هذه المذكورات في علم الأصول، اللهم إلا لو وقعت تلك المذكورات مورد البحث في الحجج والأدلة نفسها([4]) فتأمل.
ومنها: تقسيم الحكم إلى وضعي وتكليفي وأحكامها فانه من المبادئ لعلم الفقه لا الأصول.
ومن الثانية: البحث عن معنى (الحجية) وانه الكاشفية أو الانكشاف أو المنجزية والمعذرية أو لزوم الاتباع([5]) أو غير ذلك.
مبادئ العلوم ومبادئ العلم
ب- ان بعض المقدمات (أو المبادئ) المذكورة كمقدمة لعلم الأصول هي من المبادئ التصورية أو التصديقية للعلوم كلها (أي للعلم مطلقا) لا لعلم الأصول، وذلك مثل ما ابتدأ به الكفاية من (تعريف موضوع العلم) فانه مبدأ تصوري للعلم قول مطلق أي للعلوم كلها ومن (تمايز العلوم بتمايز الاغراض) فانه مبدأ تصديقي للعلم بقول مطلق، نعم (موضوع علم الأصول) و(تعريفه) مبدئان لعلم الأصول.
مسائل فقه اللغة
ج- ان بعض المقدمات (أو المبادئ) المذكورة لا وجه لذكرها حتى كمبادئ لعلم الأصول بل الأولى ذكرها في علم مستقل كـ(علم فقه اللغة) مثل: أقسام الوضع والمعنى الحرفي، والفرق بين الخبر والإنشاء، ووضع الألفاظ للمعاني الواقعية لا بما هي مراده، ووضع المركبات، والاشتراك اللفظي، واستعمال اللفظ في أكثر من معنى، ونظائرها.
تأسيس علوم ثلاثة
ومما مضى يتضح ان الأولى في تطوير علمي الفقه والأصول ان تضاف علوم ثلاثة، كما جرى تطويرهما بتأسيس علم للقواعد الفقهية كعلم جديد بعد ان كان متشابكاً مع الفقه والأصول مزيجاً بهما وهي: أ- (المبادئ التصورية والتصديقية لعلم الفقه)، ب- (المبادئ التصورية والتصديقية لعلم الأصول)، ج- (فقه اللغة).
وليست الغاية من ذلك مجرد تحري الدقة ووضع الأشياء مواضعها فقط – وإن كانت مطلوبة – بل الغاية أيضاً إيفاء تلك المطالب حقها إذا أسس لها علم خاص بها بدل ان تكون كالاستطراد مبحوثة في علم آخر، وأيضاً إعداد الطالب والباحث للدخول في الفقه والأصول وهو على بصيرة من كليات مقدماتها التي تعتمد عليها، وأيضاً التسهيل على الباحث ليجد بغيته في أماكنها الطبيعية اللائقة بها، وأيضاً فان ذلك هو مقتضى تطور العلوم ونحوِها نحوَ المزيد من التخصص عبر تفكيك مباحثها والانشطار فقد كانت علوم السياسة والإدارة سابقاً مثلاً مندرجة في علم الفلسفة تحت عنوان تدبير المدن وغيره وكان الطب علماً واحداً ثم صار علوماً عديدة([6]).
ويؤكده ان وحدة العلوم وتعددها بوحدة الغاية وتعددها وبتعدد الغايات الطولية الوسيطة على ما هو المنصور([7]).
2- الأحكام العقلية كالاستلزامات
ثانياً: الأحكام العقلية ومنها الاستلزامات العقلية
ومن الأحكام العقلية: التحسين والتقبيح العقليان، امتناع اجتماع الأمر والنهي، حكم العقل بالاحتياط في الشبهة البدوية قبل الفحص.
ومن الاستلزامات – وهي أخص مطلقاً من الأحكام العقلية - : استلزام الأمر بالشيء الأمر بمقدمته أو استلزام وجوبه وجوبها، واستلزام الأمر بالشيء النهي عن ضده العام أو الخاص، واستلزام الإتيان بالمأمور به بالأمر الاضطراري الاجزاء عن الأمر الواقعي وكذلك الإتيان بالأمور به بالأمر الظاهري (أو عدمه).
ومن ذلك ظهر ان ذلك هو الأَولى مما صنعه في (أصول المظفر) حيث جعل (المقصد الثاني) الملازمات العقلية، وكان الأَولى ان يجعلها الأحكام العقلية فانها أعم من الملازمات العقلية، كما ظهر ان عدّه اجتماع الأمر والنهي المسألة الرابعة من الملازمات العقلية غير تام، فانه حكم عقلي وليس استلزاماً عقلياً.
3- الأدلة النقلية وأنواعها
ثالثاً: الدليل النقلي([8]) وأنواعه وأركانه.
ويندرج فيه مباحث (الأوامر) و(النواهي) و(العام والخاص) و(المطلق والمقيد) و(المفاهيم) ونحوها؛ فانها جميعاً (أنواع الدليل) أي أنواع الحجة المشتركة القريبة في الفقه، وهي التي عبّر عنها السيد البروجردي بـ(التعيَّنات) أي تعينات (الحجة) وقد فصلنا ذلك في كتاب (المبادئ التصورية والتصديقية)([9])
مناقشة العلة الصورية للكفاية وتبويب مقاصدها
ومنه يظهر انه لا وجه تام لما صنعه الكفاية حيث عدّ (الأوامر) هي المقصد الأول و(النواهي) المقصد الثاني و(المفاهيم) الثالث و(العام والخاص) الرابع و(المطلق والمقيد) الخامس، وعدّ في مقابلها الامارات المعتبرة شرعاً أو عقلاً كمقصد سادس، وذلك لوضوح وجود الجامع للمقاصد الخمسة الأولى وهو (الدليل) أو (أنواع الدليل) فان الدليل إما عام أو مطلق أو أمر أو نهي أو مفهوم شرط أو غيره كالجامع الذي ذكره في المقصد السادس وهو (الامارات المعتبرة شرعاً أو عقلاً) بل انها([10]) منها كما سيأتي.
الجامع (الأدلة) لا (الألفاظ)
كما ظهر بذلك ان ما صنعه أصول المظفر أيضاً لا وجه له حيث أدرجها جميعاً في جامع (مباحث الألفاظ) فانها نظير ما عدّه من الحجج لاحقاً، من الحجج وأنواعها أو أركانها، ومع وجود الجامع الأقرب بل الداخلي – كالدليل فانه جنس لها – لا وجه للجوء إلى الجامع الابعد بل الخارج([11]) - كمباحث الألفاظ، كما سيأتي.
وسيأتي مزيد تدقيق لهذا ودفع إشكال قد يورد عليه، كما سيأتي كلام عن المفاهيم ودفع إشكال على عدّها من الحجج بإذن الله تعالى.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
=========================

 


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=1846
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاحد 20 ذي الحجة 1436هـ
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29