• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : المكاسب المحرمة (1435-1436هـ) .
              • الموضوع : 301- بيان آخر للاجوبة السابقة ـ الاشكال بان متعلق الحكم في الاية هو مَن جمع كل تلك الصفات ( حلاف .. هماز .. مشاء بنميم ) وليس احدها المدار ـ الجواب من وجهين .

301- بيان آخر للاجوبة السابقة ـ الاشكال بان متعلق الحكم في الاية هو مَن جمع كل تلك الصفات ( حلاف .. هماز .. مشاء بنميم ) وليس احدها المدار ـ الجواب من وجهين

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
النميمة
(4)
 
6- التعبير بصيغة المبالغة وإرادة المجرد، عرفي
وقد يقال: بان من العرفي والمتداول لدى العرف التعبير بصيغة الجمع أو المبالغة وإرادة المفرد أو المجرد؛ إذ كثيراً ما يقول الأب لولده لا تصاحب السُّراق مثلاً ومن الواضح لدى العرف ان الجمع هنا انحلالي وليس انضمامياً أي لا تصاحب هذا السارق ولا تصاحب ذلك السارق ولا تصاحب ذياك السارق وهكذا، فقد انحلت (لا تصاحب) بعدد انحلالات السُّراق إلى أفراده وليس المقصود تعليق الحكم (لا تصاحب) على خصوص ما لو اجتمع ثلاثة من السُّراق فصاعداً، وبذلك يتضح حال لا تصاحب (السَّراق) مبالغةً فانه انحلالي أي لا تصاحب من سرق – في سرقته أو مطلقاً – ولا تصاحبه عند سرقته الثانية ولا تصاحبه في سرقته الثالثة وهكذا.
والحاصل: انه لا فرق، بنظر العرف، بين ان يقول: لا تطع السُّراق أو ان يقول لا تطع السَّراق – والأول جمع والثاني صيغة مبالغة – في انه يرى مدار الحكم وتمام موضوعه هو السرقة لا تعدد السراق واجتماعهم - وهو الأول، ولا تكرر السرقات وتعددها من السارق الواحد – وهو الثاني، وكذلك الحال تماماً في قوله لا تطع النَّمام أو لا تطع النمّامين أو الناميّن. فتأمل([1])
الفارق بين الوجوه الستة
ولا يخفى: الفرق بين الوجوه الستة، فان:
الوجه السادس ينفي إرادة المبالغة فقد أشير بها إلى المجرد
والوجه الخامس: يؤكد إرادة المبالغة لكنه يرى انها منصبة على الكيفية وشدة النمامية لا الكمية وكثرتها.
اما الوجه الرابع: فيرى ان المبالغة مقصودة ومراده لكن كمدار لتأكد الحكم وأشديته لا لأصله.
واما الوجه الثالث: فحاصله وجود قضيتين حقيقيتين: حرمة إطاعة النمام فيما نمَّ فيه وحرمة إطاعة النمام حتى فيما لم ينم فيه.
واما الوجه الثاني: فيراها مقصودة أيضاً لكن لتفيد فائدة أجنبية عن الحكم وهي الإخبار عن حالة ذلك الشخص الخارجية وأنه يُكثِر منها فهو لمزيد التنفير.
واما الوجه الأول: فيرى ان الخصوصية للنمامية ثابتة لكنها ملغاة من حيث المدخلية في الحكم أو انه لا خصوصية بالمرة.
وقد يلحق بالوجه الأول أو هو عينه ببيان آخر: دعوى إحراز الملاك في وجه حرمة إطاعة النمام وهي انه – أي الملاك – أصل صدور النميمة منه لا تكررها. فتأمل
4- موضوع الحرمة مَن جمع كلَّ الصفات
الإشكال الرابع: على الاستدلال بالآية الشريفة على حرمة النميمة بقول مطلق هو ان متعلق التحريم في قوله تعالى (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ)([2]) هو من جمع هذه الصفات كلها بان كان حلافاً همازاً.. الخ لا كل واحد واحد منها باستقلال أي ان المجموع من حيث المجموع هو الموضوع للحرمة فكل منها بشرط انضمام غيره لا لابشرط عن الانضمام، هو الموضوع لـ(لا تطع)
ويمكن ان يجاب عن ذلك بجوابين، وكل منهما لو تم فانه يكون أصلاً يرجع إليه لدى الشك:
الجواب: 1- الأصل في كل ما يصلح أن يكون موضوعاً مستقلاً كونه كذلك
الأول: ان الأصل هو انه كلما صلح كل واحد من المتعلقات ان يكون ملاكاً تاماً للحكم وموضوعاً له كان كذلك حيث لم يصرح بخلافه فالصلاحية تساوق الفعلية، وفي المقام من الواضح ان كل واحد من هذه الصفات (هماز نمّام...) يصلح ان يكون بنفسه مستقلاً مداراً للحكم.
وفيه: ان الصلاحية أعم من الفعلية وان غاية ما تفيده الصلاحية هو الشأنية وقد تفيد الرجحان لكن أين ذلك من الوقوع؟
2- التفصيل بين ما لو كان المصبّ الذوات أو الصفات أو الذات فالصفات
الثاني: ان يقال: انه كلما تعلق أمر أو نهي بمجموعة من الأمور دار أمرها بين أن يكون كل منها لا بشرط موضوعَ الحكم أي بان يكون كل منها بالاستقلال موضوعاً له، وبين كون كل منها بشرط شيء – أي منضماً بعضها إلى بعض ومجتمعةً – موضوع الحكم، فان الحالات ثلاثة:
الأولى: ان يكون المصب في جميعها الذوات.
الثانية: ان يكون المصب في جميعها الصفات.
الثالث: ان يكون المصب أولاً الذات ثم الصفات.
والمستظهر: انه في الصورتين الأوليين فان كلاً من تلك الذوات أو الصفات هو الموضوع باستقلال أي ان كلاً منها على سبيل البدل هو الموضوع.
أما الصورة الثالثة فالمستظهر ان الموضوع هو الذات مع كل تلك الصفات أي المجموع الانضمامي.
وتوضيحه بالمثال:
الصورة الأولى: ما لو قال: تجنب كل أسد، نمر، ضبع... الخ بل([3]) حتى لو قال: لا تطع كل طبيب، مهندس، محام... الخ إذا كان المصب هو الذوات وكانت الهندسة والطبابة عنوانا مشيراً وإلا دخلت في القسم الثاني؛ فان الظاهر – على التقديرين – ان كلّا منها موضوع للحكم على سبيل البدل.
الصورة الثانية: ما لو قال: لا تطع كل كسول، جبان، بخيل... الخ. فان الظاهر ان كلّاً منها تمام الموضوع للحكم فايها حصل شمله لا تطع.
الصورة الثالثة: ما لو قال: لا تطع كل رجل كسول جبان بخيل، فان الظاهر ان المردوع عنه هو الرجل المتصف بهذه الصفات جميعاً.
والظاهر أن الآية الشريفة هي من قبيل الصورة الثانية لكون المذكور فيها جميعاً من الصفات وليست أولاها ذاتا وسائرها صفاتاً، وغاية الأمر إلحاقها بالصورة الأولى والأمر فيها كالثانية. فتدبر وتأمل والله العالم
وصلى الله على محمد واله الطاهرين
 
(الحكمة):
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام ) قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السلام )‏: ((طُوبَى لِكُلِّ عَبْدٍ نُوَمَةٍ لَا يُؤْبَهُ لَهُ يَعْرِفُ النَّاسَ وَلَا يَعْرِفُهُ النَّاسُ([4]) يَعْرِفُهُ اللَّهُ مِنْهُ بِرِضْوَانٍ أُولَئِكَ مَصَابِيحُ الْهُدَى يَنْجَلِي عَنْهُمْ كُلُّ فِتْنَةٍ مُظْلِمَةٍ وَيُفْتَحُ لَهُمْ بَابُ كُلِّ رَحْمَةٍ لَيْسُوا بِالْبُذُرِ الْمَذَايِيعِ وَلَا الْجُفَاةِ الْمُرَاءِينَ
وَقَالَ: قُولُوا الْخَيْرَ تُعْرَفُوا بِهِ وَاعْمَلُوا الْخَيْرَ تَكُونُوا مِنْ أَهْلِهِ وَلَا تَكُونُوا عُجُلًا([5]) مَذَايِيعَ فَإِنَّ خِيَارَكُمُ الَّذِينَ إِذَا نُظِرَ إِلَيْهِمْ ذُكِرَ اللَّهُ وَشِرَارُكُمُ الْمَشَّاءُونَ بِالنَّمِيمَةِ الْمُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْأَحِبَّةِ الْمُبْتَغُونَ لِلْبُرَآءِ الْمَعَايِبَ)) (الكافي: ط – الإسلامية، ج2 ص225)
 
([1]) إذ خصوصية مادة المتعلق ومناسبات الحكم والموضوع والعلم الخارجي بانه تمام المدار، قد يكون هو القرينة على ذلك. فتأمل
([2]) القلم: 10-11.
([3]) الترقي لوضوح كون تلك متباينات أما المثال المترقى إليه فالنسبة بينها من وجه فيمكن إرادة كل من اللابشرطية والبشرط شيئية.
([4]) لعل المراد: التزهيد في حب الرياسة والشهرة بما هما رذيلتان، اما ان يشتهر الشخص في الناس بالخير والصلاح والعلم والهداية ليتأسى به الناس ويكون من نيته ذلك صرفاً، لله وفي الله وبالله، فانه غير مراد من الرواية ولذا طلب إبراهيم ( عليه السلام ): (وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ) ويؤكده قوله ( عليه السلام ) (أولئك مصابيح الهدى).
    ويحتمل ان يكون المراد صورة الفتن وخوف ضياع الإيمان في وسط معامعها فيكون نظير قوله ( عليه السلام ) ((كُنْ‏ فِي‏ الْفِتْنَةِ كَابْنِ اللَّبُونِ لَا ظَهْرٌ فَيُرْكَبَ وَلَا ضَرْعٌ فَيُحْلَب‏)). والله العالم
([5]) عجل ككتب: جمع عجول و هو المستعجل.

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=1520
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء 4 جمادي الاولى 1436هـ
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20