• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : المكاسب المحرمة (1435-1436هـ) .
              • الموضوع : 245- 1ـ تتمةٌ : الجامع او المشترك اللفظي او ... 2ـ التفريق بين المادتين : اللهو واللهي وبه يظهر الخلط في الاستدلال بالروايات .

245- 1ـ تتمةٌ : الجامع او المشترك اللفظي او ... 2ـ التفريق بين المادتين : اللهو واللهي وبه يظهر الخلط في الاستدلال بالروايات

 بسم الله الرحمن الرحيم 

 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم 
 
حرمة اللهو واللعب واللغو والعبث 
 
(7) 
 
المحتملات في اللهو انه مشترك معنوي أو لفظي أو غير ذلك 
 
سبق ان اللهو يطلق على بعض الجواهر (كالطبل وبعض كتب الضلال والصبي والمرأة) وعلى بعض أفعال الجوارح (كالرقص والغناء) وعلى بعض أفعال النفس (كانشغالها بالتفكير بالملذات الشهوية) وحينئذٍ فالمحتملات هي: 
 
الاشتراك المعنوي 
 
1- ان يكون اللهو موضوعاً للجامع بينها، والجامع هو أحد المعاني التي ذكرها لسان العرب وغيره وهو (كل ما تُلُهِّي به) واما المعنى الآخر الذي ذكره وهو (ما يلهي الإنسان فيتشاغل به) والذي ذكره المفردات (ما يشغل الإنسان عما يهمه ويعنيه) فهو أجنبي عن (اللهو) كما سيجيء. 
 
وهذا المعنى جامع للثلاثة فإن الطبل والدف وكذا المرأة والولد ثم الرقص والغناء كلها يشملها (ما تُلُهِّي به) وكذا انشغال النفس بالتفكير باللذائذ الشهوية فانه صغرى كبرى (ما تلهي به إذ تلهى بهذا التفكير وانشغل). 
 
الاشتراك اللفظي 
 
2- ان يكون اللهو مشتركاً لفظياً بين الجواهر وغيرها بان يكون قد وضع بوضع مستقل للمرأة والولد والطبل وما أشبه وبوضع آخر لمطلق ما يلهي([1]) من الأفعال على المنصور أو أفعال الجوارح فقط كما هو رأي الشيخ أو أفعال النفس فقط كما هو رأي الايرواني. 
 
منشآن للاشتراك اللفظي 
 
وقد يؤيد هذا بما ذكرناه سابقاً من ان أحد وجهي وجود المشترك اللفظي هو ان القبائل العربية كانت متعددة وكثيراً ما كان كل منها يضع لفظاً لمعنى فلما جمعت المجاميعُ اللغوية الألفاظَ في كتبٍ([2]) برزت ظاهرة الاشتراك اللفظي([3]). 
 
لكن هذا هو أحد الوجهين وهو ممكن وواقع لكنه غير حاصر إذ يوجد وجه آخر وهو ان يضع الحكيم الواحد أو القبيلة الواحدة اللفظ الواحد لمعنيين بوضع على حده اما بالوضع التعييني أو التعيني من دون لحاظ جامع بينهما([4]). 
 
والمنصور هو إمكان ووقوع كليهما لكن إثبات ان هذا المشترك من أبي قبيل بحاجة إلى دليل من عالم الإثبات. 
 
وقد يستدل في المقام على كون اللهو مشتركاً لفظياً من القبيل الأول بما صرح به بعض اللغويين من ان اللهو عند (حضرموت) هو المرأة أو الولد مما يستظهر منه انه موضوع عندهم لهما، لكن لعل الأظهر انهم لم يضعوا اللهو بوضع على حده للمرأة بل أطلقوه عليها لكونها مصداقَ كلّيِّ اللهو أي ما يُتَلَهّى به فان المرأة عندهم لم تكن إلا لذلك وللإنجاب والخدمة، اللهم إلا ان يدعى الوضع التعييني عندهم فيهما لكنه خلاف الأصل بل مستبعد. 
 
والحاصل: ان الظاهر ان اللهو موضوع للجامع وهو (كل ما يتلهى به) وإن كل ما ذُكر من المعاني (كالطبل والمرأة والغناء و...) فهي مصاديق. 
 
الموضوع([5]) مختلف لا الموضوع له فقط([6]) 
 
وبذلك يندفع الاحتمال الثالث وهو: 
 
3- ان اللهو أ- موضوع كأسمٍ جامدٍ للمرأة والولد، كما وضع الحائط مثلاً للجدار، بمعنى عدم لحاظ أي معنى حدثي فيه كما ن الحائط وضع للجدار كجامد لا بما هو متضمن لمعنى حدثي([7]). 
 
ب- كما انه (مصدراً) موضوع للمعنى الحدثي لمثل الرقص والغناء والشطرنج. 
 
ج- وانه (كاسم مصدر) موضوع للحالة النفسية الحاصلة من ذلك الحدث. 
 
وقد ظهر مما ذكرنا استبعاد الأول، واما الثالث فلا ننكره إلا انه لا ينفي إطلاق اللهو كمصدر على فعل النفس أيضاً؛ فان فيها أمران: أولاً: نفسُ حَدَثِ انشغالِها بالتفكير في الملذات الشهوية ثانياً: الحالة الحاصلة من ذلك. 
 
الفرق بين اللهو واللهي 
 
الامر الثاني: ان الظاهر وجود مادتين مختلفتين لفظاً ومعنىً ههنا، وليس مادة واحدة، وهما (اللهو) و(اللهي) والأولى من الناقص الواوي والثانية من الناقص اليائي، ولذا: 
 
يقال: لها يلهو لهواً (وهذا واوي) وهذا هو مورد مسألتنا. 
 
ويقال: لهى يلهِي لهيا، وهذا يأتي على وزن رمى يرمي، أو على وزن خشي يخشى أي لَهِي يَلهى. 
 
أدلة لفظية ومعنوية على الفرق بينهما 
 
والظاهر انهما مادتان مختلفتان لفظاً ومعنى؛ للجهات التالية: 
 
1- ان الواوي يكتب ماضيه بالألف المقصورة([8]) القائمة أي (لها) مثل (دعا) و(غزا). 
 
واليائي يكتب بالألف المقصورة التي هي على صورة الياء([9]) أي (لهى)، مثل (رمى). 
 
2- ان الواوي يكتب بالواو عند إضافة تاء الفاعل تقول (لهوت) كما تقول: دعوت، واليائي يكتب بالياء تقول (لهيت)، كما تقول: رميت. 
 
3- الواوي في التثنية يكون بالواو (لهو، لهوان) كـ: غزو غزوان أو دعوة دعوتان واليائي بالياء (لهيٌ لهيان)، كـ رمي رميان. 
 
4- ان الواوي يُعدَّى بالباء تقول (لهوت بكذا) واليائي يُعَدَّى بـ(عن) تقول (لهيت عن كذا). 
 
وبذلك يظهر الخلط في كلمات عدد من اللغويين وعدد من الفقهاء الأعلام ومنهم الشيخ H في المكاسب إذ استدلوا على رواية تضمنت مادة اللهي على حرمة اللهو أو العكس، كما سيجيء بإذن الله تعالى وللحديث صلة. 
 
وصلى الله على محمد واله الطاهرين 
 
 
([1]) أو ما يُلهى به – وهو الأصح. 
 
([2]) وحتى قبل ذلك في الجملة. 
 
([3]) كأن تكون إحدى القبائل وضعت (العين) للباصرة والأخرى وضعتها للجارية والثالثة للجاسوس وهكذا فمن هنا نشأ الاشتراك اللفظي على أحد الاحتمالين. 
 
([4]) أقول نظير ذلك اختلاف اللهجات، بل النطق ببعض الحروف فان الضاد في الضالين وضرب في اللهجة العراقية تنطق كالظاء في ظالم وظاهر، لكنها في اللهجة الحجازية مختلفة فإن الضاد عندهم بين الظاء والدال وتتكون بوضع طرف اللسان على اعلا الثنايا أو على طرف الناب أما الظاء فتتكون من وضع اللسان على أسفل الثنايا. وقيل انهما شكلان لحرف واحد 
 
والظاهر مرجعية اللهجة الحجازية إذ كان ينطق بها الرسول ( صلى الله عليه وآله ) وأهل بيته (عليهم السلام) وقد نزل الوحي بلغتهم وكانت لهجتهم لهجة الحجازيين، نعم قد يتوسع إلى صحة اللهجة العراقية بدليل خارجي. والبحث موكل إلى محله. 
 
([5]) أي ما وُضع. 
 
([6]) الموضوع هو لفظ اللهو فانه مصدراً غيرُه كأسمِ مصدر أو كأسمٍ جامد. عكس المعنيين الأوليين فانه بما هو مصدر يدعى انه موضوع للجامع أو لهذا تارة ولذاك أخرى. فتأمل 
 
([7]) وهو انه أحاط بالمساحة المتوسطة، نعم هذا داع للوضع لكنه ليس الموضوع له والحاصل انه اسم جامد وليس اسم فاعل فهو كاسم حامد علماً أو صفاً – والمثال للتقريب فقط. 
 
([8]) يسميها البعض بالألف اللينة المتطرفة مقابل الألف الممدودة كحمراء وصحراء وورداء وكساء، كما يسميها البعض بالياء المرسلة وسميت بالمقصورة لأنها مقصورة عن الهمزة أي محبوسة عنها. وقال السيوطي (المقصور هو الاسم المتمكن الذي حرف إعرابه ألف لازمه كـ: الفتى والعصا، والممدود هو الاسم المتمكن الذي آخره همزة بعد ألف زائدة نحو كساء ورداء) نعم سمى بعضهم الألف التي أصلها الواو (كـ: عصا ومصدرها عصو) بالألف الممدودة والألف التي أصلها اليائي (كـ: هدى ومصدرها هدي) بالألف المقصورة. فتأمل إذ الظاهر انه اخطأ. 
 
([9]) المسماة بألف الكرسي أو ألف بطة.

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=1377
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاثنين 19 ذو القعدة 1435هـ
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28